12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بلا شك أن معالي رئيس مجلس الوزراء مُثقلٌ بحِمله الوطني من المسؤوليات والمهام التي تتطلب منه المتابعة المستمرة دون انقطاع، نسأل الله أن يعينه على ذلك، وبلا شك ان مهمة "تشكيل وزاري جديد" ليست بالمهمة السهلة، خاصة لدولة مثل قطر تخطو خطوات متسارعة في الشأن التنموي الداخلي والدور الإقليمي والسياسي وبالأخص في إدارة النزاع والصراع الدولي، ولقائد ذي رؤية استراتيجية حازمة مثل صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، أمير البلاد المفدى. وعليه، فإن أي تشكيل وزاري جديد في قطر لابد أن يتناسب ويتوافق مع المرحلة التاريخية من عمر "قطر الحديثة" والتي انتهجت داخليا وخارجيا منهج الادارة الحاسمة في صنع السياسات والقرارات. ولعلّ أي تشكيل وزاري جديد، وبالذات من منظور الشأن المحلي، لا بد أن يأخذ في الاعتبار "تجديد الثقة فيه" بما يضمن تدفق القيادات "المؤتمنة" في إدارة وتسيير شؤون البلاد والعباد وبما يحقق الاستفادة القصوى من دروس الماضي في إدارة الوضع الحالي.وغالبا ما يصاحب أي تشكيل وزاري جديد العديد من النقاش والجدل، اذ يدور الكثير منه حول تجديد الثقة فيه كتشكيل جديد، سواء احتفظ ببعض الوجوه القديمة أو ضم وجوها جديدة، وقد تناول بعض الجدل والنقاش الثناء وبالذات ما يتعلق بـ"الأمل" في كفاءة أدائه ونزاهته! وعادة ما تتولد الانتقادات ليس فقط من خيبة الأمل في الانجازات والأداء الوزاري السابق، بل من خيبة الأمل في أكبر عدو للتطور المأمول في مسيرة التنيمة ألا وهو "الفساد الاداري والمالي" بكل أشكاله ومظاهره وانحسار الحس الوطني في ممارسة التكليف الوزاري.. وما يترتب عليه من خيبة أمل في أوضاع وممارسات أفضل من واقع اليوم.. خيبة أمل قد تتضاعف مع تعاظم سلبيات أداء العمل الوزاري!في حين يتمثل الأمل وتجديد الثقة في أي تشكيل وزاري جديد في تشكُله من عناصر وطنية مخلصة للوطن، قادرة على رسم السياسات وصنع القرارات والمتابعة بكفاءة والانجاز بفعالية، قوية وصارمة في مواجهة الخلل الوزاري والعثرات الادارية وبالذات المتراكمة والموروثة، عناصر وطنية متمكنة من مواجهة العقبات والتحديات، ولاؤها للمصلحة العامة للوطن والمواطن وغير مكترثة بـ "الكرسي" وامتيازاته وبريقه، قيادات واعية لتحديات العمل وسُبل تطويره، قيادات "مُغرمة" بتطبيق القوانين بالعدل بعيدا عن استغلال المنصب ونفوذ السلطة لاعتبارات القبيلة أو "الشللية" أو"أصحاب المصالح المشتركة"!الجميل هنا أنه مع كل تشكيل وزاري جديد يتم إحياء الثقة وتجدد الأمل وفتح أبواب التفاؤل في تعزيز "إرادة وإدارة" العمل الوزاري ولا سيما المجالات والقطاعات التي تمس حياة المواطن مباشرة. فكما أن ضرورات الحياة تستوجب العناية بالصحة العامة سواء بالوقاية أو العلاج، فان ضرورات "حياة" بعض ان لم يكن جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية المرتبطة بها تتطلب العناية بـ"صحتها العامة الوقائية والعلاجية" ليس لضمان استمراريتها، بل لضمان قيامها بأعمالها تجاه الوطن والمواطن بالكفاءة والفعالية المنشودتين وبما يحافظ على أموال الدولة! ولعلّ هذه الحكمة الطبية تنطبق على جميع الوزارات الخدمية. فليس المهم هنا من يتولى ماذا! الأهم من يتمكن وبقوة من تصحيح الأوضاع المتراكمة! من القادر على ادارة عجلة التطوير والاصلاح المؤسسي! من الممكن الوثوق به والاعتماد على خبرته وحنكته الادارية في النهوض بالعمل الحكومي وبما يرتقي مع رؤية صاحب السمو، وحزم رئيس مجلس الوزراء، وتطلعات وتوقعات المواطن!إعادة التشكيل الوزاري بين فترة وأخرى ظاهرة صحية فالتغيير هو الشيء الثابت في عالم اليوم وتجديد الدماء القيادية وتغييرها مفيد للصحة العامة للعمل الحكومي. وقد تبنى التشكيل الجديد منهج إعادة الهيكلة الوزارية ليتم دمج 8 وزارات في أربع وهو الإجراء السليم والمفترض الاقدام عليه منذ سنوات حفاظا على المال العام وتلافيا للازدواجية في التخصص والمهام، وقد يكون الاجراء "الأصح" وبالأخص في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والمترتبة على انخفاض سعر النفط. بل ونأمل في إجراءات مماثلة لإعادة هيكلة العديد من المؤسسات العاملة في مجالات مقاربة أو ذات طابع واحد وايضا في الهياكل التنظيمية لكل وزارة بحيث تهدف الى تقليص المستويات بين الوزير والوكيل والمديرين بآلية تُعزز التواصل بين قمة وأسفل الهرم دون وجود أي وسطاء! فكم عدد المؤسسات، وبعضها شبه حكومي وبتمويل حكومي، العاملة في مجال الثقافة والتراث والفن، أو كم عدد تلك الأجهزة المخصصة لتمكين الشباب اقتصاديا ودعم رواد الأعمال، وكم عدد الأجهزة المختصة بشؤون المرأة والطفل والأسرة! بل وكم عدد المؤسسات التي رغم تخصصها الدقيق في مجالات معينة واستهدافها لشريحة معينة، الا انها تهدر أموال الدولة وموازنتها التشغيلية في متابعة وتنفيذ مهام شؤون مؤسسات أخرى تارة بحجة المسؤولية الاجتماعية وتارة بدواعي المساهمة في تنمية فئات المجتمع! فمثلا، أغلب الوزارات والمؤسسات التابعة لها تشترك بشكل أو بآخر في تقديم خدمات وأنشطة للأطفال والشباب والمرأة والمسنين رغم وجود وزارات/ مؤسسات متخصصة فيهم! والنتيجة: التراخي في تحقيق الأهداف المنشودة وترهل الأداء وتضخم الموازنات التشغيلية دون نتائج ملموسة! فلماذا لا يتم تضافر الجهود بما يكفل توفير الموازنات التشغيلية!ونعود للحديث عن التشكيل الوزاري الجديد وما نتطلع له ونأمل منه. نتمنى أولا اعتماد معايير ومؤشرات للأداء قابلة للقياس لكل وزارة وبما يتماشى مع تحقيق أهدافها المنشودة وخطة قطر الاستراتيجية، ونتمنى تفعيل دور وكلاء الوزارات وشغل الشواغر منها واستقطاب الكفاءات الوطنية والثقة بها وتمكينها. ونأمل أن يتم وضع واعتماد معايير للمتابعة والرقابة، ونتمنى رؤية أخلاقيات العمل متجسدة في سلوك الموظفين الحكوميين فضلا عن معايير مؤسسية للنزاهة والشفافية. وبما أننا كمواطنين، نشاطر الوزراء جميعهم في بناء الوطن وتنميته، فإننا نأمل أن يكون التشكيل الوزاري الجديد في محله ووقته لمعالجة الإرث المتراكم عبر عقود في ترهل الأداء الوزاري ونأمل في "نسخ" تجربة وزارة الداخلية في تقويم وتطوير الأداء وتعميمها على جميع الوزارات!ففي الصحة مثلا، نأمل في حلول تصحيحية جذرية لا تتعلق بـ"شكل وألوان" الخدمات الخارجية بل جودتها، فنأمل في حلول لقلة عدد "الأسرة والغرف" المتوافرة للمرضى في المستشفيات الحكومية، للمواعيد الطبية الطويلة، لإلغاء العمليات المفاجئ، لتردي جودة المستشفيات الخاصة وهدر المال العام في التأمين الصحي، وهدر المال العام في تخزين الأجهزة الطبية دون تشغيل أو استغلال..! نأمل في خدمات صحية متميزة.. بالكيف لا بالكم.. وعادلة في التطبيق!وفي التنمية الادارية والعمل والشؤون الاجتماعية، نأمل في حلول عاجلة لرفع كفاءة الأداء الحكومي وما يرتبط به من هدر للمال العام منذ سنوات والمتمثل في البطالة "المُقنعة" والتضخم الوظيفي على حساب التوطين الصحيح والتطوير المهني! ونأمل في إجراءات تصحيحية لأوضاع الأرامل والمطلقات وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والمتقاعدين! ونتمنى تقييم وتقويم القطاع الخاص وبالذات ما يتعلق بالعمالة الوافدة وضمان حقوقها بما يحافظ على اسم قطر نزيها.وفي مجال الثقافة، نأمل الاهتمام بمنبع وأصل الثقافة ألا وهو القراءة وما يرتبط به من ابداع أدبي، فنتمنى وجود مكتبة عامة "مفعمة بالحياة" في كل منطقة سكنية أسوة بأسواق الفرجان! ونأمل في إحياء الفن الراقي والهادف بكل مجالاته بعيدا عن أي تشويه أو تحريف لتراثنا وعاداتنا! ولعل نسخ تجربة تميز "كتارا" في المجال الثقافي قد لا تكون صحية أو مهنية، ولكن تطوير قصة نجاح "كتارا" يستحق الاهتمام والتفكير.أما في المجال البلدي فنأمل في خطط عمرانية تستوعب التدفق والزيادة السكانية غير المنضبطة! ونأمل في وضع معايير وعقوبات صارمة للشركات الهندسية العاملة في تشييد البنية التحيتة للدولة؛ بما يضمن عدم إفلاتها من المحاسبة والمساءلة بعد شبعها من أموالنا! ونتمنى تعجيل إجراءات حصول المواطنين على "الأرض والقرض" بضغطة زر عوضا عن معاملات تستغرق عُمرا!الآمال من التشكيل الوزاري الجديد كثيرة، وبما أن نيل المطالب ليس بالتمني بل بالاجتهاد والعمل الجاد، فإننا نذكر كل وزير ومسؤول بقول صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "إن الفساد المالي والإدراي هو الأخطر لما يسببه من ترهل لا يمكن قبوله.. وأن الترهل في بعض القطاعات لم يعد مقبولا".وتتجدد ثقتنا في التشكيل الوزاري الجديد.. ويتجدد أملنا في إنجاز مؤسسي يرقى بطموح وتطلعات الوطن والمواطن..