17 سبتمبر 2025

تسجيل

دافوس 2014 وإعادة تشكيل ملامح اقتصاد العالم

29 يناير 2014

عقد المنتدى الاقتصادي العالمي اجتماعه السنوي الرابع والأربعين بمدينة دافوس السويسرية بمنطقة جبال الألب في الفترة من 22-25 يناير الحالي، تحت عنوان "إعادة تشكيل ملامح العالم: العواقب بالنسبة للمجتمع والسياسة وقطاع الأعمال" وذلك بحضور أكثر من 2500 مشارك يمثلون نخبة من الاقتصاديين والسياسيين ورجال الأعمال والإعلاميين من حوالي مائة دولة حول العالم من بينهم 40 رئيس دولة وحكومة ، وهو المنتدى الذي تم تأسيسه عام 1971 ويطلق عليه البعض مجلس إدارة العالم .هذا وقد شارك في أعمال المنتدى الاقتصادي والسياسي الهام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ونظيره الياباني شينزو آبى والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، كما شارك كذلك عدد كبير من الشخصيات الاقتصادية الهامة وفي مقدمتهم السيدة كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي والسيد ماريو دراجى رئيس البنك المركزي الأوروبي وخوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية وعدد كبير من رؤساء البنوك المركزية ووزراء المالية والاقتصاد والخارجية والمسؤولين الحكوميين ورؤساء الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات ورجال الأعمال والخبراء الاقتصاديين حول العالم.وقد اهتم القائمون على تنظيم أعمال المنتدى هذا العام بالوضع في الشرق الأوسط وخصصوا له جلسة أساسية تحت عنوان "سياق الأحداث في العالم العربي – التحديات والتحولات التي تقوم بتشكيل سياق القيادة في هذا العالم" ... بخلاف جلسة أخرى بعنوان "إيران في العالم" والتي حضرها وتحدث فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني والذي استثمر وجوده في المنتدى ليعقد أكثر من اجتماع مع رؤساء شركات النفط الأوروبية والأمريكية لجذبهم للعودة من جديد للاستثمار في إيران في أعقاب انتهاء فترة العقوبات المفروضة على بلاده بعد أقل من ستة أشهر في ظل الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.كما كان في مقدمة أعمال المنتدى هذا العام الاهتمام ببحث تعزيز النمو الاقتصادي والإنتاج والخروج من التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وتلافيها، وكذا كيفية التعامل مع المشكلات المستمرة مثل تنامي البطالة بين الشباب وظاهرة شيخوخة المجتمعات وخاصة الغربية منها ... في ظل تحسن النمو الاقتصادي المتوقع في عام 2014 الذي رفع مسؤولو صندوق النقد سقف توقعاتهم له إلى 3.7% في بداية عمل المنتدى، فيما حذر خبراء آخرون من تدني معدلات التضخم في الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية من جراء تقليص برنامج التيسير الكمي في شراء الديون والسندات وتأثير ذلك سلبياً على معدلات البطالة وأسواق المال، بالإضافة إلى وجود فقاعات الأصول في الأسواق الناشئة.وعلى هامش المنتدى أعلنت مؤسسة "برايس ووتر هاوس " عن نتائج مسح قامت به و شمل أكثر من 1300 مسؤول تنفيذي أن 44% من المشاركين يثقون في تحسن أوضاع الاقتصاد في عام 2014 مقابل نسبة 18% فقط في العام الماضي، وأن 39% منهم يثقون بنمو إيرادات شركاتهم في العام الحالي فيما لم تزد هذه النسبة في العام الماضي عن 36% فقط ، في الوقت الذي بلغت فيه هذه النسبة في عام 2007 نحو 50%، فيما يعني استمرارية هشاشة التعافي الاقتصادي الراهن.كما دعت وكالة الإغاثة الدولية "اوكسفام" الدول المشاركة في المنتدى الاقتصادي لاتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة التفاوت الواسع بين الأغنياء والفقراء في كل من الدول الغنية والفقيرة على حد سواءً، محذرة من أن تركز الثروات في أيدي قلة محدودة يمكن أن يهدد الاستقرار العالمي، وأعلنت الوكالة على هامش المنتدى أن قرابة 85 شخصاً من أغنياء العالم تتركز في أيديهم أكثر من نصف ثروات العالم، وأن 1% من أغنى الأغنياء يملكون نحو 110 تريليونات دولار، أي ما يفوق بخمسة وستين ضعف ثروة نصف سكان العالم الأكثر فقراً.وإذا كان المنتدى الاقتصادي العالمي قد أتاح للمشاركين فى أعماله فرصا كاملة للمناقشة والتشاور ووضع اقتراحات وتوصيات يمكن أن تساعدهم ويسترشد بها الرؤساء و السياسيون ببلادهم ... إلا أنني أرى أن حل مشكلات الدول الغربية وخاصة الأوروبية منها لن يكون من خلال المزيد من السياسات التقشفية "كما اقترح بعض المشاركين في أعمال المنتدى" وإنما يكون من خلال المزيد من الإنفاق والاستهلاك المحلي والاستثمار وخاصة في مجال البنية التحتية التي تعمل على خلق فرص عمل كثيفة وسريعة، ومن ثم خفض معدلات البطالة وزيادة ربحية الشركات وأسواق المال وزيادة معدلات النمو.وفيما يتعلق بالدول النامية والعربية وما تواجهه من تحديات خطيرة وخاصة دول ثورات الربيع العربي التي لا تستطيع حكوماتها تلبية طموحات ومطالب أبنائها المتزايدة في ظل الانخفاض المتنامي لإيراداتها نتيجة مرحلة التحولات السياسة التي تمر بها البلاد وما يواكبها من حالات فوضى وانفلات أمني .... ومن ثم فلا يكون أمام هذه الحكومات من مخرج سوى القيام بإجراء إصلاحات هيكلية أساسية كإلغاء جزئي أو كلي لمنظومة الدعم وفي المقدمة منه دعم الطاقة أو فرض ضرائب جديدة، إلا أن هذه الإصلاحات يمكن أن تسبب بعض المعاناة لهذه الجماهير الرافضة لأي ضغوط أو أعباء إضافية في مرحلة ما بعد الثورة، ولا يكون أمام هذه الحكومات سوى القيام بسياسات مالية واقتصادية مرنة ومتوازنة بحيث تحقق الإصلاحات المنشودة وتعمل في ذات الوقت على تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع المعاناة عن الجماهير.