11 سبتمبر 2025
تسجيلعلى الرغم من التنافس الشديد بين كل من المملكة العربية السعودية وروسيا في محاولة الحفاظ على حصصهما المقررة من سوق النفط العالمي وفتح أسواق جديدة في ظل انخفاض أسعار النفط حول 30 دولارا للبرميل واعتماد موازنة الدولتين الكبيرتين إلى حد كبير على إيراداتهما من النفط والغاز، إلا أنه يجمع بينهما مجموعة من الأفكار المتشابهة لتحريك اقتصاديهما اللذين أخذا يعانيان من بعض التباطؤ، وللعمل على تنويع وزيادة إيراداتهما وبشكل أكثر أهمية وأولوية من العملات الأجنبية.وحاولت روسيا السير على خطى المملكة العربية السعودية التي أعلنت الأسبوع الماضي عن دراستها ونيتها لطرح شريحة من أسهم أكبر شركة نفط بالمملكة وهى شركة "أرامكو" للمستثمرين في الداخل وربما في الخارج أيضاً، وهي الشركة التي تضخ وحدها ثُمن إمدادات العالم من النفط وتمتلك احتياطيات نفطية تزيد عن 260 مليار برميل. ومن ثم أعلنت روسيا هي الأخرى عن نيتها خصخصة 19,5% من أسهم شركة "روزنفت" والتي تُعد أكبر شركة نفط في البلاد والتي تمتلك الحكومة الروسية فيها نسبة 69,5% من أسهمها، وذلك بهدف احتفاظها بأكثر من 50% زائد سهم واحد فيما بعد عملية البيع كي تضمن الهيمنة والسيطرة على الشركة وسياساتها وقراراتها.ويُرجع كثير من الخبراء والمحللين أن الدولتين قد اضطرتا للسير في طريق الخصخصة والبحث عن إيرادات إضافية مع انخفاض إيرادات المملكة العربية السعودية في عام 2015 بنحو 15%، وتجاوز مستوى الإنفاق المستهدف بنسبة 13%، وانخفاض الاحتياطي النقدي للبلاد من العملات الأجنبية ليصل إلى نحو 650 مليار دولار. كما اضطرت روسيا إلى خفض ميزانيتها بنسبة 10% وتراجعت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بنحو 5%، وكان من الممكن أن تتراجع الاحتياطيات بمعدلات أكبر لولا تدخل السلطات النقدية الروسية وخفضها لقيمة العملة "الروبل"، وهو الأمر الذي تجنبته المملكة وحافظت على قيمة عملتها "وهو أمر يحسب لها"، بالإضافة إلى زيادة عجز الموازنة الروسية في نهاية عام 2015 بنحو 3% من إجمالي ناتجها المحلى.وتسعى الحكومة الروسية إلى جمع نحو 6.7 مليار دولار مقابل بيع نسبة الـ19,5% من حصتها بشركة "روزنفت"، وهي قيمة يشكك كثير من الخبراء في إمكانية تحصيلها وجمعها، سواءً من مستثمر واحد أو من خلال طرحها للاكتتاب العام في البورصات العالمية، وذلك على الرغم من بلوغ حصة الشركة السوقية من سوق النفط العالمي نحو 33,4 مليار دولار أي نحو تُسع قيمة شركة "إكسون موبل" الأمريكية للنفط، وإن بلغت إيراداتها أكثر من ثلث إيرادات الشركة الأمريكية. ويعزو هؤلاء الخبراء عدم قدرة الحكومة الروسية على تجميع هذا المبلغ إلى طرحها لنسبة 30,5% من أسهم الشركة ذاتها من قبل بسعر 7,55 دولار للسهم، وبلغ أعلى سعر تداول على السهم 9.44 دولار، إلا أنه سرعان ما انخفض بشدة بسبب انهيار أسعار النفط ليصل في الوقت الراهن إلى 3,16 دولار، وقد ساعد على انخفاض سعر سهم شركة "روزنفت" تمويلها لبعض المشروعات الجانبية التي لا يمكن تمويلها من موازنة الدولة بشكل رسمي، وكذا إلى العقوبات الغربية المفروضة على الشركة وعلى قطاع النفط الروسي بأكمله بسبب الأزمة الأوكرانية وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ومن ثم عدم قدرة الشركة على الاقتراض الخارجي لإعادة تمويل وهيكلة ديونها البالغة نحو 44,8 مليار دولار، وهي أمور جعلت منها استثمارا غير آمن من وجهة نظر كثير من المستثمرين.فيما يرى بعض من الخبراء المتشائمين أن قرب شركة "أرامكو" السعودية من سيطرة الحكومة بالإضافة إلى خوض المملكة حرباً مع الحوثيين وصالح في اليمن، وكذا موقفها الداعم للمعارضة "المعتدلة" في سوريا والتوتر المتنامي والمتصاعد مع إيران واعتماد بورصتها على مستثمري التجزئة المحليين الذين يفتقر كثير منهم "كمعظم مستثمري التجزئة في العالم" إلى الخبرات الاقتصادية والتحليلية، وبأنها كانت مغلقة أمام المستثمرين الأجانب حتى شهر يونيو الماضي- ربما يمكن أن يحد من رغبة مستثمري الغرب في الإقبال على شراء أسهم الشركة المعروضة رغم قناعتهم بأهميتها وقوتها وثقلها المالي.وفى كل الأحوال فإن الخبراء والمتخصصين في مجال الطاقة من نفط وغاز يرون أن شراء المستثمرين لأسهم هاتين الشركتين "أرامكو، ورونفت" من البورصات العالمية إنما هو رهان على انفراجة قريبة، ومؤشر جيد على بدء انتعاش أسواق النفط، وذلك على الرغم من تخمة المعروض منه في الوقت الراهن، ويؤكد هؤلاء الخبراء والمتخصصون أنه نوع من الرهان على النجاح السياسي والدور الريادي لكل من المملكة العربية السعودية وروسيا، وتحديداً للملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس فلاديمير بوتن.