11 سبتمبر 2025
تسجيلفي ظل مواجهة المملكة العربية السعودية لأخطر تحد مالي واجهته البلاد منذ انخفاض أسعار النفط في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تمثل هذا التحدي في انخفاض أسعار النفط لأقل من 30 دولارا للبرميل وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي بالمملكة بنسبة 13% ليصل إلى 650 مليار دولار ولجوء الحكومة لطرح سندات محلية بمليارات الريالات وبدء التخطيط للاقتراض من الخارج، وما ترتب على ذلك من خفضها للإنفاق الحكومي في عام 2015 بنحو 14% وسعيها لتحقيق خفض مماثل في هذا العام.وبهدف العمل على تنويع مصادر دخل المملكة من العملات الأجنبية وتحسين وضعها الاقتصادي فقد بدأت طريق وخطوات الإصلاح المالي من خلال خصخصة شريحة من أسهم شركة "أرامكو" للنفط فضلاً عن طرح بعض شركاتها التابعة للطرح في البورصات العالمية، وتعد هذه الخطوة أحد الخيارات التمويلية النموذجية ذات التكلفة المنخفضة، كما تعد شركة أرامكو من أكبر وأهم شركات النفط في العالم والتي طالما ساعدت إيراداتها في جعل المملكة واحدة من أغنى دول العالم.كما أسهمت إيرادات شركة أرامكو في تنفيذ العديد من مشروعات البنية التحتية الضخمة بالبلاد بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية المتميزة ومن ثم تحقيق السلام الاجتماعي بربوع المملكة، ويقدر الخبراء قيمة الشركة بأكثر من عشرة تريليونات دولار أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف قيمة شركة اكسون موبيل الأمريكية وتأتي خطوة الخصخصة هذه كمقدمة لخصخصة بعض القطاعات الأخرى وفي مقدمتها التعليم والرعاية الصحية وبعض الشركات المملوكة للدولة.وتعبر هذه الخطوات الإصلاحية عن فكر الجيل الجديد من الأمراء والقادة السعوديين في طريقة إدارة موارد البلاد، والعمل على تغيير الفكر والثقافة الاقتصادية السائدة بالمجتمع وتحقيق المزيد من الإنتاج والإنتاجية، ومن أجل هذا فقد قامت الحكومة السعودية برفع أسعار الوقود والمرافق العامة ومن المرجح فرضها ضرائب على المبيعات وبعضاً من الرسوم الأخرى في السنوات القليلة القادمة، وذلك بهدف زيادة الإيرادات وخفض النفقات، وهي الخطوات التي يؤمل أن يكون لها تأثير إيجابي سريع في المدى القريب كما تعمل في ذات الوقت على تأمين مستقبل أفضل للمملكة في مرحلة ما بعد عصر النفط.هذا وقد أكدت وكالة "بلومبرج" أن بنوك جي بي مورجان الأمريكي وإتش إس بي سي البريطاني ودوتشية بنك الألماني سيكونون من أهم المرشحين للفوز بالدور الأكبر في عملية طرح جزء من أسهم شركة "أرامكو" للاكتتاب العام، وعملية الطرح المرتقبة والتي من المتوقع أن تجتذب أهم مستثمري العالم لما لها من أهمية كبرى وامتلاكها لاحتياطي ضخم من النفط يتجاوز 260 مليار برميل ويعمل بها نحو 60 ألف عامل وتقدر قيمتها بأكثر من عشرة تريليونات دولار أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف قيمة شركة اكسون موبيل الأمريكية للنفط.وفي إطار خطط وخطوات الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها الحكومة السعودية الراهنة فقد أعلنت عن دعمها الكامل للقطاع الخاص بصفته قطاعاً رائداً ليساهم في خطط التنمية بشكل أكثر فاعلية ونشاطاً بجانب قطاع الاستثمار الأجنبي التي تعمل الحكومة السعودية على تشجيعه وتحفيزه ليلعبا معاً دوراً هاماً في توفير فرص العمل وتحقيق التنمية وزيادة معدلات النمو، والتي تأمل القيادة السعودية الجديدة أن تكون لهذه الخطوات الإصلاحية أثار ونتائج سريعة وإيجابية وملموسة لتحسين مستوى وجودة الحياة على المواطنين في المدى القريب المنظور.وإن كان بعض الخبراء يرون في هذه الإصلاحات خاصة ما كان مرتبطاً منها برفع أسعار الوقود والمرافق العامة واحتمالية فرض المزيد من الضرائب عبئاً على المواطنين السعوديين خاصة محدودي الدخل منهم، فإن البعض الآخر يرى أن هذه الإصلاحات إنما هي خطوات أساسية تأخر تنفيذها لمدى زمني طويل بسبب زيادة إيرادات البلاد من النفط عبر سنوات طويلة ماضية.ويؤكد هؤلاء الخبراء على أنه قد آن أوان التغيير والإصلاح وزيادة وتنويع مصادر دخل البلاد قبل فوات الأوان وصعوبة الإصلاح، خاصة أن أسعار النفط المنخفضة يمكن أن تستمر لفترات أطول من المتوقع في ظل رفع العقوبات الغربية على إيران وبدء ضخها لنصف مليون برميل نفط يومياً اعتبارا من هذا الأسبوع وضخها لأكثر من مليون ونصف المليون من براميل النفط خلال الشهور الستة المقبلة ومن ثم زيادة المعروض من النفط في الأسواق المتخمة بالفعل واستمرار حالة الركود الاقتصادي التي تسود دول الأسواق الناشئة وفي مقدمتها الصين ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم ومن ثم انخفاض معدلات الطلب العالمي على النفط .