13 سبتمبر 2025
تسجيلكانت الحصة كما أرادها الأستاذ وليد حصة حوار مفتوح مع ولي الأمر المتميز عبدالله سعيد الذي يعد الأب الأكثر فاعلية بين أولياء أمور الطلاب في المدرسة.. أراد المعلم وليد أن يترك حصته للسيد عبدالله عمر والد الطالب النابه عمر الذي يمثل قدوة لزملائه.دخل أبو عمر الفصل وألقى التحية على الطلاب، وقال لهم: لدي قصة تحكي عن مشكلة، وأريد منكم أن تفكروا معي في إيجاد حل لها.قال عابد: هات القصة يا أبا عمر، وأرجو أن نجد الحل الصحيح.الأب: القصة التي سأرويها لكم يا أبنائي محيرة، وتحتاج لتفكير عميق خاصة، أنها تهم أكثر من 300 مليون قط وقطة.أحد الطلاب: 300 مليون قط وقطة، كيف اجتمع هؤلاء ومتى؟!الأب: توزعت هذه القطط على خريطة الوطن العربي، وقبل حدوث المشكلة كان القطط متحابين يتبادلون الزيارات والخبرات لكن حدث ما غير الأمور وأساء إلى الأحوال.أحد الطلاب: يتبادلون الخبرات، أي نوع من الخبرات؟الأب: أنت تعرف يا بني أنه بحسب خريطة الوطن العربي هناك مناطق زراعية ومناطق صيد للأسمالك ومناطق جبلية ومناطق نهرية، وكل مجموعة من هذه القطط اكتسبت خبرات خاصة بالمكان الذي هي فيه.طالب: تعاون وتكامل هذا يذكرني بما درسناه عن تبادل الخبرات العربية، قبل انفجار الوطن العربي بالقنابل والدبابات!!الأب: وما لك يا بني والبشر؟ دعنا في عالم القطط.تفاجأ الطلاب باللغة الحزينة لأبي عمر، وقال أحدهم: نعم يا أبا عمر وقع بعض القطط في مصائب كما فهمنا منك، لكن ما نوع المشاكل وكيف حلت؟الأب: اسمعوا الحكاية يا أبنائي من أولها.. فالقطط حتى هذه اللحظة ما زالت عالقة في الفخ وتحتاج فعلا إلى المساعدة لنخلصها من الشراك التي وقعت فيها.أحد الطلاب: اشرح لنا المزيد!!.الأب: في يوم من الأيام خرج ما يقارب العشرين مليون قط وقطة في مظاهرات يطالبون بالتوزيع العادل للثروات.أحد الطلاب: ومتى كان القطط منظمين، ولديهم كل هذا التفكير؟طالب آخر: إنه يحكي قصة.الأب: لا عليكم يا أبنائي من إثقال رؤوسكم بالتفاصيل.. المهم أن تعرفوا بقية الحكاية كي تساعدوا ملايين القطط العالقة في الشباك.طالب: يا للأسى عددهم ملايين، ماذا تقول؟ ملايين القطط عالقة في الشباك، ومن أين لزعيم مملكة القطط كل هذه الشباك؟!الأب: سؤال وجيه: يا بني هناك في المملكة الأخرى القريبة المجاورة، ملك شرير لديه مختلف أنواع الشباك، ووسائل التعذيب.طالب: وسائل تعذيب، وضعوهم في الشباك، ثم قاموا بتعذيبهم، يا للقطط البائسة!!الأب: وفوق ذلك أجاعوهم وعرضوهم لمختلف أنواع الألم.طالب: ما كل هذه الجرائم بحق القطط، إن قلبي لم يعد يحتمل المزيد، ثم ما اسم تلك المملكة القريبة التي بها سلطان ظالم، أرسل الشباك والمعدات الحربية، هذا السلطان الظالم يجب أن يحاكم؟!الأب: ألن تعيروني آذانكم لنكمل القصة؟طالب: بلى والله،أكمل القصة، فقلوبنا تتقطع على القطط، أخبرنا يا أبا عمر منذ متى والقطط محبوسة في الشباك، متعرضة للأذى والألم والجوع؟.الأب: منذ أكثر من عامين ونصف، إنها تقترب من الثلاثة أعوام.طالب: يا للهول، هل ماتوا جميعا، هل ماتت ملايين القطط البريئة فقط لأنها طالبت زعيم القبيلة أن يقاسمهم الثروة بالعدالة والاحسان؟!الأب: لا يا بني، لم تمت جميع القطط؟الطالب:كيف تصرفت إذن؟الأب: استطاع بعض القطط "الحاذقين" أن يهربوا من الفخاخ وبدؤوا في رد الصاع صاعين لجنود الطاغية.الطالب: يا للروعة، أكمل أكمل.الأب: نعم يا بني، لقد قرر فئة من القطط الأباة أن يقضموا بأنيابهم الحادة الشباك، وأن يبدؤوا في تصنيع أنواع الأسلحة التي يقاومون بها هذا الطاغية.الطالب: وكيف سارت الأمور؟الأب: إنها صرخة المظلومين يا بني ترجمت على هيئة أفعال، فقتلوا وأسروا ودمروا من آليات عدوهم الشيء الكثير.الطالب: يا للروعة إذن طمئنا يا أبا عمر..هل استطاعوا أن يخلصوا رفقاءهم من القطط المأسورين الجائعين المعذبين؟أبو عمر: لأجل هذا أتيتكم يا أبنائي الأعزاء.الطالب:تريدنا أن نفكر معك في كيفية تخليص القطط من الشباك؟.أبو عمر: نعم يا بني.طالب: ألم تقل لنا بأن عدد القطط في الوطن العربي ثلاثمائة مليون قط وقطة، إذن ليهجموا هجمة رجل واحد على هذا الطاغية، ويخلصوا ما تبقى من القطط الحية، ويحرروهم من طغيان زعيمهم.أبو عمر: أغلبهم إما لديهم مشاكل مشابهة أو مشغولون بالتثاؤب والتمدد على الأرائك الوثيرة، والتلحف باللحف الفاخرة.الطالب: تَبّا لهم يتثاءبون ويلتحفون باللحف الوثيرة، وأصدقاؤهم من القطط يسجنون بالملايين، تَبّا لهم!!أبو عمر: ويأكلون الهمبورجر والبيتزا وأطايب الطعام ويسافرون ويهنؤون بالعيش الرغيد.الطالب: لا أريد أن أسمع المزيد، أشعر بالغثاء والصداع وآلام حادة في المعدة، الحمد لله أنني من البشر، ولست قطاً حتى يخذلني أصدقائي القطط.هنا قام عمر الذي كان ملتزما الصمت طوال الحصة، وقال لأبيه: دعني أعلق يا أبي.قال عمر: يا أصدقائي بل تحمد الله القطط على أنها ليست من عرب اليوم، فالقصة التي ساقها أبي رمزية وعن العرب، وأنت يا هادي بتعليقك شرحت القصة كاملة، نعم كل القطط والمخلوقات الأخرى غير البشر لم يعودوا يرغبون أن يكونوا بشراً كعرب هذا الزمن!!صفق الطلاب بحرارة لأبي عمر، وقال أحدهم: أنت فارس لقائنا اليوم، لقد استوعبنا الدرس الحزين، إنسانية عرب القرن العشرين وما بعده في خطر، ولئن لم نبادر نحن بإنقاذ السوريين وغيرهم من المستضعفين، فنحن لا نستحق شرف الانتساب للإسلام.طالب: حل المشكلة: لا يوجد مستحيل.. لكن مع الإرادة والإصرار لابد أن نتحمل مسؤولياتنا تجاه بعضنا البعض، لأن القطط لن يتخلى بعضها عن بعض لو كان عددها ثلاثمائة مليون!!ابتسم أبو عمر وبصوت حزين قال: أنتم يا أبنائي بعد الله فيكم الرجاء والامل، إياكم أن تكرروا أخطاء جيلنا، وكونوا كما أمركم الله.. عباداً متحابين في الله.