13 سبتمبر 2025

تسجيل

الخلطة السرية للأراجوز

19 مارس 2014

كعادته أطل الأراجوز الفضائي على الناس عبر الشاشات الفضية، القامة منتصبة،الصوت عال ومدو، الوجه يتصنع الجد والاهتمام وبدأ في عرض اسطوانته المشروخة.قال الأراجوز الفضائي: وكما تشاهدون وتتابعون أيها السادة المحترمون قام الإرهابيون بتفجير جديد،روع الآمنين، وقتل ودمر وأشاع الفوضى في البلاد طولا وعرضا دون ضمير وطني أو رادع أخلاقي وتأكدوا أن حكومتنا كالعادة لم ولن تهدأ حتى تضع حدا للإرهابيين وتقضي عليهم قضاء مبرما.في اليوم الثاني أحضر الأراجوز معه عدة أشخاص وقالوا بصوت واحد: نعم، نعم،لقد كانت ملامحهم ونبرات صوتهم توحي بأنهم هم الإرهابيون المعروفون لدى الحكومة منذ الأزل.في اليوم الثالث تكلم الأراجوز عن وقوف العالم بجانب بلاده المستهدفه من قبل إرهابيين معروفين ينتسبون لجماعة محددة بعينها صارت معروفة — حسب وصف الأراجوز الفضائي — للقاصي والداني.في اليوم الرابع نسي أنه قبل يومين قد أحضر شهودا وقال عنهم أنهم حصريون ولم يحضر التفجيرات سواهم..هذه المرة كانوا أطفالا، قال الأطفال: يا بابا سعيد، وكما تعلمنا في الأناشيد مثلما كما قضى علي بابا على الأربعين حرامي سوف تقضي حكومتنا على الإرهابيين.لقد كنا نلعب قريبا من مكان التفجير وقد تطايرت الأشلاء من كل مكان،وهذه كرتنا الطائرة — حسب الطفل عزيز — تشهد أننا كنا نلعب قريبا من مكان التفجير.طلب الأراجوز الفضائي من الطفل عزيز أن يعطيه الكره ليتفحصها بعينيه البوليسيتين وليشمها بحاسة الشم الخارقة التي يمتلكها ثم قال: اللون الأسود الذي لطخ الكره هو لون الرماد المتطاير من قوة الانفجار الإرهابي الذي حدث قبل أيام.ثم استنشق الكرة وقال: نعم، نعم، والرائحة رائحة بارود، شكرا لك يا عزيز لقد أحضرت لنا الدليل القاطع الذي يؤكد حضوركم أثناء الإنفجار الإرهابي الذي حدث في الوطن قبل عدة أيام.لكن أخبرني يا عزيز كم مترا كان يفصل بينكم وبين الإرهابيين قبل قيامهم بالتفجير، وماذا سمعت؟!عزيز: لقد سمعت أحد الإرهابيين بالسيارة يقول نحن متعطشون للدماء ولا يهدأ لنا بال حتى نروع الآمنين.الأراجوز الفضائي: يا للهول، كان الله في عونك يا بلادي وماذا سمعت أيضا يا بني؟!عزيز: سمعتهم يقولون أنهم ينتمون للجماعة الإرهابية المعروفة لدينا.الأراجوز الفضائي: قاتلهم الله،انظروا أيها المشاهدون الأعزاء، انظروا كيف فضح الله باطل هؤلاء المجرمين على أيدي هؤلاء الأطفال الأبرياء الذي ساقتهم الأقدار لينقلوا لنا الواقع بتفاصيله المؤلمة، فيقطعوا الشك باليقين أن الجماعة المعروفة لدينا ولديكم أيضا هي من نفذ العملية الإرهابية الأخيرة في الوطن..والآن خذوا كرتكم أيها الأحبة الصغار، وشكرا لحضوركم وشهادتكم القيمة والمهمة التي أضافت دلائل قاطعة بضلوع الجماعة الإرهابية المعروفة لدينا بالجريمة البشعة التي حدثت مؤخرا في الوطن.الطفل عمارة كان ذكيا وشعر بأن عليه أن يغتنم الفرصة ليظفر بالمال الذي تم الاتفاق عليه مع القناة الفضائية فقال على الهواء:هذه المرة لن أقبل بأقل من مائتي دولار يا بابا سعيد، أتسمعني يا بابا سعيد، أتسمع، لقد قلنا ما حفظتنا إياه وعليك أن تنفذ باقي الاتفاق وتعطينا النقود!!بهت الأراجوز فلقد انكشف كذبه على الجمهور، لكن غير مهم على الإطلاق فلديه ألف قناع وقناع وألف حيلة وحيلة.عقله المتفنن في صناعة الكذب لا يبالي بتعليق طفل أنطقه الله فشهد بكذبه وافتراءاته أمام الجمهور.في اليوم الخامس قال الأراجوز: الإرهاب يحاصرنا ويحاصر العالم أجمع وقد اتفقنا مع الرئيس بشار أننا وهو في خندق واحد.في اليوم السادس ابتدأ حديثه متبرئا إلى الجمهور بأن يكون قد ذكر اسم بشار او اقترب حتى من حدود سوريا اثناء حديثه، وقال بل أردت أننا والصهاينة في خندق واحد نحارب الإرهاب!!في اليوم السابع خرج للناس وأعلن تبرؤه من دماغه الثقيل وأخذ يسب نفسه وقال: اعذروني يا أعزاء، يا أصلاء، يوما أذكر بشار ويوما أذكر الصهاينة لقد كان قصدي أننا نحن وروسيا في خندق واحد نحارب الإرهاب.في اليوم الثامن وبعد أن أتته رسائل منددة قرأها عبر بريده الالكتروني قال للجمهور وبكل وقاحة: مالكم لا يرضيكم أي شيء أقوله، ولا يعجبكم شيئا كلما انتقدت الإرهاب رميتموني بعلة أنا برئ منها، ها أنا أقول لكم "نحن وإيران" في خندق واحد كلنا نحارب الإرهاب.في اليوم التاسع قدم إلى الناس وعينه اليمنى مغطاة بالشاش وقال: يا أوباش أرسلتم فلولكم ليضربوني بالعصي والحصى، سوف أظل أحاربكم أيها الارهابيون أينما كنتم.في اليوم العاشر وبعد أن تعافت عينه سريعا قال: ألم أقل لكم أنا مثل القط بسبعة أرواح، سوف أحارب الإرهاب بيدي وأظافري ومخلبي ولساني وميكروفوني.وأثناء انفعاله الشديد ضرب بيديه الميكروفون الذي وضع أمامه على الطاولة فارتفع المايك وارتطم بوجهه فقال: يا إرهابيون، حتى الميكروفون لم يسلم منكم!!ثم رفع صوته وطلب قطع البث وقال مستدركا وهو يركض: لا شك أنها قنبلة.بعد نصف ساعة ظهر مجددا على الشاشة وبيده كوب من العصير المثلج وقال: يا سلام، هكذا هي العبقرية الإعلامية، تم تفكيك القنبلة بنجاح، وها أنا ذا أعود اليكم أيها الجمهور الجميل لأكمل معكم، وبكم، حربي وحربكم على الإرهاب والإرهابيين في كل زمان ومكان.وإلى الأمام إلى الأمام.