26 أكتوبر 2025

تسجيل

استرسالٌ لا طائل منه

28 ديسمبر 2022

لم يبق سوى ثلاثة أيام ونودّع عام 2022، ونحن الذين بالكاد قد استقبلناه بالأمس في دليل على أن هذه الأيام تهرول وما عادت الساعات فقط من تتحكم بمضيها وانتحارها شيئاً فشيئاً من روزنامة الحياة ومن أعمارنا أيضاً فمن عليه أن يقتنع بأن عام 2022 يودّعنا وإننا في استقبال عام 2023 الذي لا تبدو بدايته على النحو الذي يمكننا أن نفتح لها الأبواب ونشرع لها النوافذ ونقول لها أقبلي فيا أهلاً ويا مرحباً ؟!. عربياً لا يبدو أن الأمر تغير في عام 2022 مثله مثل الأعوام التي سبقته إن لم تزدد فيه الهموم العربية هموماً أكبر وقضايا أكثر، باتت المعلقة منها أكبر بكثير من التي وجدت لها حلاً، وإن لم أجد قضية عربية قد حُلت حقيقة أمام تفاقم كل الظروف التي تقوض أي حلول لأي منها فقضايانا الرئيسية لا تزال معلقة على حبل رفيع يتدلى كلما هبت رياح التغيير عليها فتارة تخل بتوازنها فتترنح يميناً وشمالاً وتارة تكون الرياح أكثر قسوة تكاد تطيح بها فقضية فلسطين مثلاً التي تراوح مكانها منذ أكثر من سبعين عاماً لم يجر عليها أي تغيير سوى أن الأمور كلها تسير لصالح إسرائيل، ومن يحلم من الفلسطينيين بدولة حرة مستقلة ذات حدود وسيادة بات حلمه معلقاً بدولة إسرائيل التي تبدو هي الأخرى ذات أحلام مشروعة في العرف الدولي بأن يكون لها دولة وحدود وسيادة مستقلة، ولكن اجتماع الدولتين في بقعة واحدة هو ما توقفت عليه أحلام الطرفين رغم اعتراف العالم ومنهم العرب بأن حل الدولتين هو ما أصبح ملزماً على الجميع بعد أن ناضل العرب لعقود مضت في أن تكون فلسطين حرة كلها وتعود لحاضنة الفلسطينيين ولكن ما كان لم يكن ليصبح الآن ومع هذا تتوقف القضية أمام تسلط الإسرائيليين في دفع هذا الحل للأمام وظهورهم الدائم بشكل الضحية التي تتعرض لإرهاب فلسطيني عن طريق حركات المقاومة التي لا يعطيها العالم وإسرائيل حق الدفاع عن نفسها وإنما يسبغون عليها رداء الإرهاب بعدم النظر إلى ما تفعله القوات الإسرائيلية من جرائم وغارات وحصار واستيطان وسلب واعتقالات وأحكام بالسجن تصل لمئات السنين في قضاء مجنون لا يعرف عدلاً ولا واقعية . على الضفة الأخرى من نهر قضايانا الرائب الشائب تقف قضايا سوريا وليبيا واليمن والصومال وأزمات لبنان والسودان وغيرهما من الدول التي تعصف بها أزمات سياسية وأخرى اقتصادية شامخة ليس قوة للأسف وإنما ظهوراً وبروزاً وهي لم تعد تختلف عن القضية الفلسطينية الأم في أنها أصبحت قضايا معلقة لا تنتظر الحل بقدر ما تنتظر أن يحركها أحد على طاولة مسؤولة وجادة تتباحث وتبحث لها عن حلول ناجعة وسريعة تشكل لها فارقاً عما باتت عليه حتى الآن فهل من المعقول أن تظل شعوب عربية بأعدادها المليونية تحت الضرب والغارات والهجوم والبراميل والقصف والتشريد والشتات والجوع والحرمان ونرجسية حكومات وميليشيات لسنوات ونحن جُل ما نفعله هو أن نودّع سنة ونستقبل أخرى فقط ثم ندّعي العروبة والجسد العربي الواحد ؟! هل نصدق أننا في زمن يرمي منا الفائض من موائده العامرة التي تكون عرضة للتصوير والتبجح في الوقت الذي يمكن أن يشبع هذا الفائض جائعين من أصحاب البطون العربية الخاوية التي قد تلقى في أحسن ظروفها خيمة بالية تُحشر تحتها بينما هي تئن طلباً للقمة تسد هذا الأنين ؟! فأين العدل في كل هذا ونحن على مدار كل هذه الأعوام لم نستطع بتبرعاتنا وأموالنا أن نقيم وطناً آمناً لعشرات الآلاف من اللاجئين على حدودنا العربية بعد أن فقدوا أوطانهم الحقيقية ؟! فأي عام أتيت به يا عام جديد ؟! إنني هنا أتوقف ليس لعدم قدرتي على الاسترسال في هذا الألم ولكنني تذكرت أنني استرسلت أيضاً في هذا التاريخ من كل عام وتوقفت أيضاً فما الفائدة ؟! .