14 سبتمبر 2025
تسجيلربما يكون ما سوف أتحدث به في مقالي اليوم هو الأول من نوعه ليس لغرابته أو خشية من التطرق له لحساسيته، لأنني لطالما ما نوهت عنه بصور جانبية في مواضيع رئيسية لمقالاتي، ولكني صممت اليوم على أن يكون هو الموضوع الرئيس الذي سيتضمنه هذا المقال الذي بين أيديكم وهو أيضا ما بات يلح علي أن يتصدر هذه السطور بعد قرابة العام منذ أن ظهر فيروس كوفيد - 19 في قطر أسوة بباقي دول العالم التي ابتُليت بهذا الوباء المنتشر والممتد بسلالات جديدة ظهرت مؤخرا مما أجبر كل هذه الدول على تحوير سياساتها الوقائية والعلاجية للتصدي لخطر انتشار هذا الفيروس. ودولة قطر فعلت ما فعلته ولا تزال في مقدمة هذه الدول التي حافظت على المجتمع من خطر هذا الفيروس، سواء بإجراءاتها الاحترازية أو بخطتها العلاجية للمصابين مما شكلت نسبة الوفاة من هذا الوباء النسبة الأقل عالميا بفضل الله عز وجل ثم بفضل هذه العناية الحكيمة المدعومة من القيادة الرشيدة والتوجيهات السديدة، ومع هذا فما أريد التنويه عنه هو سياسة قطر العادلة والمنصفة تجاه ( المقيمين ) فيها وهو أمر لا يختلف عليه اثنان في أن الدوحة فتحت أرضها ومجالات العمل فيها للمغتربين ممن لجأوا إليها لكسب الرزق وتحمل ظروف الحياة والغربة التي أبعدتهم قسرا عن أوطانهم فوجدوا في قطر الملاذ الآمن والأرض الطيبة والرزق الحلال الوفير والعمل الذي يتيح للأغلبية الأمان الوظيفي الذي ينشدونه حتى في أوطانهم الأصلية. وفي أزمة فيروس كورونا تحديدا لم يخرج لنا أي مسؤول سواء من وزارة الصحة أو التجارة أو التعليم أو من أي جهة كانت إلا وكان الحديث شاملا المواطن والمقيم معا في اعتناء كل هذه الجهات بهما على صعيد واحد، وإنهما يمثلان قطبي المجتمع الواحد اللذين يجب التصدي معا لخطر انتشار هذا الوباء مما شمل أيضا تطعيم الأنفلونزا الموسمية ولقاح الفيروس، ففي الوقت الذي خصصت دول خليجية وعربية وأوروبية والولايات المتحدة لأن يكون التطعيم للمواطنين أولا وبعد الانتهاء من حاجتهم يبدأ استقبال وتطعيم المقيمين ثانية ؛ كانت سياسة قطر السوية في أن تطعيم الأنفلونزا الموسمية ولقاح كوفيد - 19 للجميع سواسية ولا تفريق بالجنسية وإنما بالترتيب حسب الأعمار والحالات الصحية للأفراد بغض النظر إن كان قطريا أو يحمل جنسية أخرى. ولذا عمل المعنيون في وزارة الصحة على ترتيب إعطاء اللقاح لجميع المسنين ممن تجاوزوا سن السبعين عاما في المرحلة الأولى التي بدأت يوم الأربعاء الماضي الموافق 23 ديسمبر بالإضافة لأصحاب الأمراض المزمنة بغض النظر عن أعمارهم وفي هذا لم يتحدد شرط أن يبدأ اللقاح بالقطريين ثم المقيمين كما فعلت دول خليجية أعطت أولوية تطعيم الأنفلونزا واللقاح لمواطنيها أولا ثم يأتي بعدهم من يأتي. لكن الدوحة والتي تؤمن بأحقية العلاج والتعليم للإنسان وهو صفة كل البشر ممن يستحقون علاجا يضمن بقاءهم أحياء دون ذكر جنسياتهم عملت من هذا المبدأ النبيل الذي ينبذ التفرقة في منح الحياة لشخص وحرمانها عن شخص آخر؛ لأنه لا يحمل جنسية البلد الذي يعيش فيه. وصدقوني إن أخبرتكم بأن هذا الأمر قد أثار استغراب كثيرين ممن يقرأون أو على المستوى الشخصي من إعلاميين أو صديقات مقربات من بعض الدول الذين رأوا في هذه السياسة القطرية تعاليا عما أسموه بالعنصرية التي تدخل حتى في منح حق العلاج والتعليم للإنسان أي إنسان. واليوم ورغم أزمة كورونا العالمية التي أرهقت اقتصاد دول كبرى وأطاحت بمقدرات دول أخرى، تثبت قطر على مبدأ الإنسانية النابع من كونها كعبة المضيوم وقبلة الإنسانية والرحمة فتجعل من أبناء هذا المجتمع الواحد أمانة لديها في الحفاظ على حياتهم معا وعدم تطبيق مبدأ الأفضلية المقيت في اختيار من يمكنه أن يعيش معافى سالما آمنا من الإصابة بهذا الفيروس، بفضل من الله ثم بفضل منحه هذا اللقاح الذي أثبت فاعليته في الحد من الإصابة، وانتشار هذا الوباء وبين من سيكون عرضة للفتك به وهو الشيخ الكبير الذي بلغ من العمر عتيا أو الشخص الذي يعاني من أمراض مزمنة ستكون مناعته بفضلها أضعف من أن يقاوم هذا الفيروس، ولعل احترام قطر للكبار في العمر لتقديمهم في إعطاء اللقاح لهم يدل على أن هذه الرحمة التي توليها الدوحة تجاه الكبار في السن هي ( البركة ) التي تسير عليها ويوفقها الله بفضلها، فاللهم ابق الرحمة سمة في قلوب من بيدهم المنح والمنع واجعلهم ممن يَرحمون فيُرحمون. @[email protected] @ebtesam777