10 سبتمبر 2025
تسجيل"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ۚ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ۚ إن الله عليم خبير"، الآية الكريمة التي تم اختيارها في حفل افتتاح بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™، فيها رسالتان أساسيتان، وُجهّتا من "استاد البيت" إلى كلّ العالم. رسالتان واضحتان، لمن يفهم اللغة العربية، ومن لا يفهمها، فالترجمة لا تحمل تأويلات. ولهذا، لم يُركّز الإعلام الغربي على هذه الرسالة، بقدر ما حاول تجاهلها. الرسالة الأولى هي: إيماننا بفكرة الذكر والأنثى لا ثالث لهما. الموضوع محسوم ومنتهِ. الرسالة الثانية، هي إيماننا بالانفتاح على الثقافات الأخرى وتاريخ الرحالة المسلمين لاستكشاف القارات، وتجاراتهم مع السند والهند والأندلس، والمخطوطات التاريخية التي تؤكد حبّ المعرفة لديهم والتواصل مع الثقافات الأخرى، ناهيك عن ثقافة الترحيب بالضيف وإكرامه التي اشتهر بها العرب. وفي رسالة إضافية ورائعة، جسّدها الشاب القطري غانم المفتاح، الذي أكّد فيها للعالم أن الشخص المعوّق هو من يُعوقه فكره، لا أطرافه، وأنّ الإنسان رغم الصعوبات التي تعترض طريقه التي لا يُمكنه التحكّم بها أو تغييرها، يُمكن أن تكون الحافز له على صنع ما يعتبره الآخرون مستحيلًا، وأن ما يراه الغير فينا ليس هو المهمّ، الأهم كيف نرى نحن العالم. وفي استضافة أحد الشباب العاملين في توجيه المشجعين والزائرين لمحطة المترو في إحدى المباريات، وتمكينه من مخاطبة الجمهور الغربي بحسّ الفكاهة الذي يمتلكه، رسالة إضافية بأننا في الوطن العربي ليست لدينا عُقدة "العنجهية" "والغرور" التي يدّعيها الغرب علينا ويتهمّنا بها، وأن الدخول من باب حقوق الإنسان المنتهكة بشكل صارخ بات شمّاعة مفضوحة، وما حصل في سجن غوانتنامو في العراق ومجازر إسرائيلية في لبنان وفلسطين، الحصار الدولي على أطفال العراق في معادلة "النفط مقابل الغذاء"، وقصف معامل الأدوية في الصومال إلا دليل على ذلك. وفي رسالة رابعة، بعثتها الشعوب العربية للعالم هي قدرة المواطن العربي مهما كانت جنسيته أو اهتماماته أو مستوى ثقافته أنه قادر على دحض حجة الإعلام الإسرائيلي عندما يُفتح المجال لها بذلك، وأن على الإعلام العربي التركيز على الشعوب، بدلًا من استضافة المحللين والسياسيين الذين ملّت الشاشات من وجوههم، وأن الفرد العربي قادر على الحديث عن مواقفه دون خطابات مُعدّة ومكتوبة سلفًا. في المقابل، يسعى الإعلام الإسرائيلي لاستغلال المواقف المدنية العربية، وتحويلها إلى أداة لاستعطاف شعوب العالم، بأن الإعلام الإسرائيلي مضطهد وغير مرحب به، وأنه مظلوم، وأنه لا يعرف كيف يتصرّف مع العرب، وهو محاولة مقززة، ومكشوفة. خامسًا وسادسًا وسابعًا، رسائل كثيرة واضحة وإن كانت كرة القدم هي محطّ اهتمام الجميع، ولكنّ هذه البطولة تحمل الكثير من المعاني الإنسانية التي ستكون لها تأثيرات إيجابية بالغة الأهمية ستُعيد خلط الأوراق في العلاقات الدولية.. وللحديث بقية.