15 سبتمبر 2025
تسجيللم كانت تركيا أقرب إلينا من جاراتنا وهي الأبعد جغرافياً وطبيعة وحياة؟! لم كانت تركيا الأولى التي هرعت لقطر فور إعلان السعودية والإمارات والبحرين حصارهم المشين على قطر؟! لم كانت تركيا السباقة إلى تسجيل مواقف أخوية خالصة تجاه الدوحة بعد الأزمة المفتعلة ضدها من قبل دول الحصار؟! لماذا لم يخش الرئيس أردوغان على علاقات بلاده مع دول الحصار وهو يمد يد الأخوة الطيبة لقطر وأرسل منتجاته لأسواق الدوحة لئلا ينقص على شعبها شيء من الغذاء والدواء؟! لماذا لم يهتم الرئيس التركي بغضب السعودية الكبيرة حجماً من وقوفه إلى جانب الدولة الخليجية الصغيرة حجماً؟! ما هو سر تلك الثقة المتبادلة بين الدوحة وأنقرة والتي بفضلها تجاوزت قطر أزمتها وكان لابد من رد الجميل لأصحابه؟! يبدو أنني كنت مضطرة لطرح كل هذه الأسئلة في بداية مقالي اليوم والذي أعده من أجمل المواضيع التي سأتحدث عنها، فالعلاقة القطرية التركية لم تكن وليدة يوم الخامس من يونيو لعام 2017، وهو اليوم الذي أعقب سلسلة مناكفات وفبركات دول الحصار لتصريحات وأقوال سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد حفظه الله، بل إن علاقتنا مع أنقرة بدأت قبل هذا التاريخ بكثير، وربما كان المزعج فيها تلك الأواصر الأخوية التي جمعت أنقرة بالدوحة والمواقف التي تباينت بينهما وأثبتت أن العلاقات لا تمنعها حدود وجغرافيا وقارات، بل هي المواقف التي تظهر معادن الرجال فيها، فقطر كانت أول من هنأ الرئيس التركي بفشل الانقلاب الغادر عليها والذي انبرى له شعب تركيا بعد طلب صغير لأردوغان في مكالمة سكايب مرئية دعا فيها شعبه للخروج وإفشال الانقلاب الذي كان سيدمر حياة الشعب وكرامة البلد، وأمير قطر كان أول من زار تركيا بعد أن استقرت الأمور في هذا البلد الجميل فكانت التهنئة حية رسمية وواجبة من حكومة وأمير قطر إلى حكومة وشعب تركيا الشقيقة. نعلم مع تركيا أن موقف الأخيرة معنا قد أزعج كثيرا الرياض وأبوظبي اللتين تضمنت مطالبهما الـ 13 والتي رفضتها قطر قبل انقضاء مهلة العشرة أيام إلغاء عقد إنشاء القاعدة العسكرية التركية في الدوحة وفك الارتباط القطري التركي العسكري، بل إن الوقاحة تجاوزت حدودها لدى هاتين العاصمتين الخليجيتين في طلب وقف التعاون التركي مع قطر وكأن الأمر قد صدر لتنفذه أنقرة صاغرة وتقبل به قطر راضية !، ونعلم أيضاً أن إمارة أبوظبي كانت وما زالت هي من تحرك خيوط الأزمة المفبركة ضد الدوحة وأنها لقيت تابعاً مطيعاً في الرياض يمكن أن يستغل حجمه وثقله الذي تلاشى حالياً ليؤثر على تركيا ويغريها بأن العلاقة مع الرياض الأكبر حجماً والأغنى نفطاً والأثقل دينياً ستكون أجمل وأفضل وأمثل من علاقة مع الدولة الأصغر في الخليج، لكن وكعادة أردوغان في صفع المتطفلين وكسر أنوف المغرورين كان الرد تركياً واضحاً وقوياً: نحن مع قطر ولن نبدل ماء الوضوء الطاهر بتراب التيمم الذي قد يكون ملوثاً بتدبير محاولة الانقلاب ضدنا !، لتقف تركيا حكومة وشعباً مع قطر الأصيلة التي تبادلت مع أنقرة مواقفهما الإسلامية الثابتة ويشكلا علاقات جيوسياسية تعدت بمراحل متقدمة ما كان لنا في علاقات جغرافية مع الجارات الثلاث اللائي هان عليهن ذاك الجوار وتلك الأخوة وشيء كان يقال عنه في الماضي المصير الخليجي المشترك!، ولذا لا عجب أن تروا اليوم تلك الاتفاقيات الموقعة، وتلك العلاقات الثنائية التي تتنامى يوماً بعد يوم بين الدوحة وأنقرة، وذاك الترحيب الحار الذي يلقاه أردوغان في قطر الخير ويلقاه تميم في تركيا الطيبة والذي قد يثير زوبعة صغيرة في فناجين من يحاول حتى هذه اللحظة تخريب تلك العلاقة المتينة، ويظن أنه بتغزله المكشوف يمكن أن يجعل أردوغان يتغاضى عن حقيقة معدنه ويغض النظر عن (المنشار) الذي تطاول به غيلة وغدراً وغباءً على حياة إنسان بريء سُفك دمه على أرض تركية يحكمها الطيب رجب أردوغان!، مخطئ أيها الناشر!. ◄ فاصلة أخيرة: بين قطر (و) تركيا حرف واو اتصال في القاموس السياسي الجديد يرفع ما قبله وما بعده نحو القمة بإذن الله!. [email protected]