28 أكتوبر 2025
تسجيلالشركات العائلية التي تبدأ عادة بإدارة كافة شؤونها من قبل المالكين، سرعان ما تواجه تحديات إدارية متنوعة، خاصة فيما اصطلح على تسميته بالفصل بين حسابات الشركة والحسابات الشخصية للمالك أو العائلة، وكذلك تحقيق التوازن بين مصالح الشركة وبين المصالح العائلية لكي لا تطغى إحداهما على الأخرى. وعند التصدي لهذه المهمة، والعمل على وضع نظام إداري يتسم تدريجيا بالقواعد الحوكمية، تجد الشركة العائلية نفسها أمام واقع يحتم عليها النظر فيما تمتلكه من جوانب قوة من جهة وما يعتريها من جوانب ضعف من جهة أخرى. وعليها أن تأخذ هذه الجوانب في الاعتبار عند تصميم النظام الإداري فيها. ومن بين جوانب القوة للشركات العائلية التي تؤثر على تصميم النظام الإداري قيم الالتزام التي تتمتع بها هذه الشركات. فأفراد العائلة بصفتهم مالكين للشركة يظهرون مستوى أكبر من التفاني في مراقبة نمو أعمالها وازدهارها. نتيجة لذلك، يرتبط الكثير من أفراد العائلة بالشركة وعادة ما يعتزمون العمل بجدية وإعادة استثمار أرباحهم في الشركة للعمل على نموها على المدى البعيد. وهذا لا بد أن ينعكس على هيكل الصلاحيات والمسؤوليات في الشركة. ومن القيم المهمة التي تمثل نقاط قوة استمرارية المعرفة، حيث يقوم مؤسسو الشركات العائلية بنقل معارفهم التراكمية وخبرتهم ومهاراتهم إلى الأجيال التالية. ويؤدي ذلك إلى زيادة مستوى التزامهم ويوفر لهم الأدوات اللازمة لإدارة شركتهم العائلية. في الوقت نفسه نرى أن الشركات العائلية الخليجية تعاني أيضا من جوانب ضعف. وقد تكون أكثر خاصية يمكن ذكرها في الشركات العائلية هي أن الكثير منها يفشل في البقاء على المدى البعيد. في الواقع، ينهار ما يقرب من ثلثي أو ثلاثة أرباع الشركات العائلية أو يتم بيعها من قِبل المؤسس (المؤسسين) أثناء فترة ولايتهم. ويستمر فقط من 5 إلى 15 بالمائة إلى الجيل الثالث المنحدر من سلالة المؤسس (المؤسسين). هذا المعدل المرتفع من الفشل يرجع إلى أسباب متعددة مثل الإدارة الضعيفة، وعدم وجود مبالغ نقدية كافية لتمويل النمو، والتحكم غير الملائم في التكاليف، وعدم القدرة على تحقيق التوازن بين مصالح الشركة مع مصالح العائلة، وعدم التمسك بالقواعد الرسمية للعمل. كذلك تأخر البت في القضايا الإستراتيجية، حيث لا تنتبه العديد من الشركات العائلية إلى المجالات الإستراتيجية الرئيسية التي يجب أن تتخذ بشأنها قرارات مبكرة مثل خطط توريث منصب الرئيس التنفيذي والمناصب الإدارية الرئيسية الأخرى وتوظيف أفراد العائلة في الشركة وجذب المدراء الخارجيين ذوي المهارات والحفاظ عليهم. إن تأخير أو تجاهل مثل هذه القرارات الإستراتيجية المهمة قد يؤدي إلى فشل إدارة الأعمال في أي شركة عائلية. وفي الوقت الراهن، تبرز أهمية التطوير الإداري في الشركات العائلية من خلال تبني نهج التخطيط الإستراتيجي الذي يتم بصورة دورية متوسطة الأجل. وعادة ما يتم تحقيق ذلك من خلال اللجوء إلى تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات، وهو أحد أشهر أدوات التخطيط ويقوم بتحليل أوضاع الشركات وتحليل بيئة العمل الداخلية والخارجية من موردين ومنافسين وعملاء وقوانين وغيرها. تلك الأداة تصنف تلك العوامل إلى عوامل سلبية أو إيجابية. إن كانت سلبية عالجتها وإن كانت إيجابية استثمرتها وبنت عليها. كما تشخص بيئة العمل سواء من مخاطر تهدد أعمال الشركة أو فرص عمل جديدة. وبناء عليه يتم تصميم أهداف الأعمال المراد تحقيقها، والذي بدوره ينبني عليه تصميم الهيكل الإداري المناسب القادر على مواكبة تخطيط الشركة العائلية لتحقيق هذه الأهداف.