27 أكتوبر 2025
تسجيلشهران و18 يوما فوق المائة عمر الحصار الجائر على دولة قطر، ومؤشرات الواقع العملي يثبت أنّ بلادنا تسير بخطى ثابتة واثقة من الإنجاز الواعد، وهي ترسم طموح الغد بسواعد أبنائها، والبيانات الراجعة من القطاعات الإنتاجية والصناعية تؤكد أن قطر تسير بقوة نحو الثبات، في المقابل لم تبد الدول التي قاطعت الأسباب والدوافع وراء الحملة وظلت في مساحة الاتهامات العامّة صراحة على المستوى الدولي، وشككت الخارجية الأمريكية بكون تلك التحركات فعلا بشأن مخاوفهم إزاء دعم قطر المزعوم للإرهاب أم هي بشأن عقدة خاصة بها. فوجئنا وفوجئ العالم بأسره لسرعة تنامي الأحداث التي افتعلتها زورا وبهتانا دول الحصار الأربع مما دعت وزارة الخارجية القطرية للإعراب عن أسفها للقرار، وردت بان تلك الاتهامات مجرد أسباب مختلقة بدون مبررات شرعية، والهدف منها فرض وصاية على سيادة دولة قطر، وأكدت في بيانات متسارعة مع بدء الأزمة أن قطر عضو فاعل في مجلس التعاون الخليجي وملتزمة بميثاقه وتحترم سيادة الدول الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية كما تقوم بواجباتها في محاربة الارهاب والتطرف. لم نعهد في محيطنا الخليجي أي فعل كالذي افتعلته شقيقتان كبيرتان في المنطقة بشق التلاحم بعد أن ظللنا طوال عقود ننزعج إذا توترت العلاقة السياسية بين بلداننا، إلى أن أتى هذا الحصار الذي لم يكن له مقدمات عند الشعب القطري ولم يكن أحد يصدّق أن هذا الشيء سيكون اختراقاً وتلفيقاً وكذباً وقطع أرحام، وقطع علاقات، ثم خوضاً في أعراض. هذه أشياء لم نعتَدها، وبالأخص الشعب القطري المعروف انه شعب هادئ بطبيعته يطغى عليه تمسكه بالأصول أكثر من مشاكل الحياة والعصبية، وعندما حدث هذا الحصار كان دوي وقعه كارثيا على شعبنا الأصيل ورفض بشموخ قيادته أن يذل أو يركع لمطالب صبيانية، ولله الحمد، أثبتت قيادتنا الرشيدة صمودا مشهودا حققت من جرائه مكاسب لا تعد ولا تحصى، وأهم تلك المكاسب هي استيقاظ الشعب من الشعارات الجوفاء التي استخدمتها حكومات الحصار وأساليبهم المشينة وهم ينهشون في الشعب القطري ويحاصرونه ويمنعون عنه قوت يومه. وظهرت حنكة تخطيط القيادة السياسية القطرية التي كانت تضع كل البدائل لتتخطى سلبيات الحصار، وتستعيد توازنها في أقل من 48 ساعة، ومن هنا كانت أول خسارة للسعودية هي خسارة المجتمع القطري بأكمله، حيث علم المواطن القطري أن لا أحدا سيحنو عليه غير أبناء شعبه وحكامه، فكان هذا الدرس الأول الذي جعل كل صغير وكبير يعتبر الأمير تميم بطلاً، ويضع صورته في كل مكان في قطر، وشاهد العالم كيف صمد هذا الأمير الشاب أمام أربع دول تقارب مساحتها أضعافا مضاعفة مساحة بلاده. الحقيقة أن قطر ذات الـ 11.600 كم مربع صمدت وهزمت شبه جزيرة بأكملها، وواجهت أيضاً أربعة حكام مجتمعين على الشر، ورأى العالم كيف جابه صاحب الأربعين ربيعاً حكاما يكبرونه بسنوات، ووقف في وجه حكام تجاوزت خبراتهم الـ ٩٠ عاما في المناصب السياسية. إن ما يحزننا أنه منذ تاريخ هذا الحصار أصبح وسيظل الشعب القطري لديه غصة داخلية وترقب تجاه السعودية والإمارات، وعلى الجانب الآخر أصبح الالتصاق أبدياً بين الشعب القطري وقيادته الحاكمة، فما حكَّ جلدك مثل ظفرك. وسلامتكم