18 سبتمبر 2025

تسجيل

عملية بطولية ... رغم أنوف "مثقفي وأزلام السلطة "؟!

28 نوفمبر 2014

كتب أحدهم مقالة في إحدى صحف السلطة الفلسطينية , مقالة بعنوان : " ... ولكنها ليست بطولية" , ذلك يوم الأربعاء ( 19 نوفمبر الحالي ) , بالطبع يقصد الكاتب : عملية الشهيدين غسان و عدي (أبو) جمل البطولية الأخيرة . بدوري أتابع الصحف الصادرة في الضفة الغربية ,وكان لي ردود أحيانا على ما ينشر في ذات الصحيفة , أرسلها ... يتم تجاهلها ولا تنشر ! هذه المرة وددت مناقشة رئيس تحرير الصحيفة , لضمان نشر ردي على المقال المعني , طلبته هاتفيا من عمان , جرى تحويلي إلى سكرتيرته , عرّفتها بنفسي وسألتها إن كان موجودا , وأخبرتها بالشأن الذي سأتحدث به معه , بكل الدماثة أجابتني : بأنه موجود , وحولتني إليه . استمر انتظاري بعضا من الوقت ,وفوجئت بإخبارها لي : أنه لم يصل بعد ! رئيس التحرير كان موجودا , هذا ما أكّدته لها ...ولم تعترض. ما أود توضيحه : أنني أفضل الرد دوما في الصحيفة المعنية. أنني اتصلت برئيس التحرير ليس بصفته الشخصية وإنما لموقعه , وهو المتحكم فيها . أدرك أن هذه الصحيفة هي بوق للسلطة ,ومع ذلك افترضت فيها : احتراما مهنيا لنشر الردود ! كان واجب رئيس التحرير الاستماع إلي لأنني أود مناقشة موضوع جاء في صحيفته . هذا أدنى حدود الأدب والأخلاق والتعامل المهني! .على افتراض أنه لم يكن موجودا ( وهذا غير صحيح ) , فواجب سكرتيرته أخذ رقم هاتف المتصل, يتصل به ويسأله عما يريد ؟! . رئيس التحرير أساء لنفسه قبل أن يسيء إلي . لهذا أناقش المقالة من خلال عمودي الأسبوعي في الصحيفة الحبيبة والديموقراطية " الشرق " . المقالة تحوي كثيرا من المغالطات التي تنم عن جهل بحقيقة العدو الصهيوني . الكاتب يعتبر: " أن العملية خطيرة , وقد تكون تداعياتها أخطر " , الكاتب يعتقد" أن العملية تهدد بنقل الصراع بين "شعبين" إلى حرب بينهما , في حين تصارع فلسطين سياسيا , لتكون دولة , وتصارع دولة إسرائيل ضدها " ,ويعتبر: "أن 3 رصاصات أصابت أوسلو , مذبحة الحرم الإبراهيمي .. مقتل إسحق رابين الرصاصة الثالثة أودت بعرفات " .الكاتب يحمّل المسؤولية لحركة حماس ويعتبر اختطاف المستوطنين الثلاثة (بطريقة غير مباشرة) مسؤولية العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة , ويستطرد ".... لكن إن صح إعلان الجبهة الشعبية مسؤوليتها عن عملية الكنيس , فهذا أمر له تداعياته , لأنها عضو في منظمة التحرير الفلسطينية " . الكاتب يعتبر العمليات الإستشهادية , "عمليات انتحارية" !؟ ,وهو يعتبر الكفاح المسلح لشعبنا " عنفا مضادا " ردا على العنف الإسرائيلي .أود الرد وباختصار شديد : نكبة حقيقية للفلسطينيين ألحقت بنكباتهم العديدة ,شكّلتها اتفاقية أوسلو المشؤومة . سئل رابين في الكنيست في الجلسة التي خصصت لمناقشة الاتفاقية عن سبب توقيعه لها , أجاب بالحرف الواحد : أحضرنا "المخربين الإرهابيين" ليكونوا تحت مرمى بصرنا , ولنحكم قبضتنا عليهم " . بدوره , فإن إسحق شامير وعد بإطالة المفاوضات مع الفلسطينيين عشرين عاما . بالفعل أطالت إسرائيل المفاوضات 21عاما لم تزدد خلالها إلا استيطانا ,واغتيالا ,وتكسيرا للعظام, وهدما للبيوت, وارتكابا للمذابح , وعدوانا واسعا بين الفترة والأخرى , لم تزدد إسرائيل الشايلوكية إلا نهما وتعطشا للدماء ,وجوعا ضاريا للحم الفلسطيني, ومزيدا من الاشتراطات عليهم: كالاعتراف بيهودية دولتها , ووجودا لقوات إسرائيلية في مناطق الدولة . في الختام : أن تكون مثقفا سلطويا يعني: أنك تفقد هويتك كمثقف, تصبح حجر شطرنج تدار كيفما يشاء الآخرون , تصبح ببغاء يردد ما تقوله سلطتك المحركة, ولية الأمر والنعم!. يرى جمال الدين الأفغاني دور المثقف : " بالتأمل في الحاضر من أجل تفسير النبل الإنساني , وإضاءة الطريق لأبناء أمته على قاعدة التمتع بالروح الفلسفية النقدية واستخدامها في مراجعة الماضي " . لا يمكن لمثقف السلطة أن يمتلك هذا الدور . المقالة السياسية باعتبارها " شكلا فنيا " تخضع لقواعد الفن , الذي لا يجري فهمه وفقا للمقولة الأفلاطونية : " الفن للفن" . السياسة ليست أيضا وفق تعريف غورباتشوف لها "بأنها فن الممكن" . هذا التعريف أذهب الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الإشتراكية في غور سحيق . المثقف منذ أرسطو ومقولته " الفن محاكاة للطبيعة " , مرورا بالواقعية النقدية " بلزاك و فلوبير" وصولا إلى ديستوييفسكي وليو تولستوي ووصولا إلى الواقعية الإشتراكية , " يرتبط في جزء من إبداعاته بمدى معايشته للواقع من حيث إدراكه ومدى التأثير فيه " ,مثقف السلطة لا يمكنه لعب هذا الدور لأنه يسبح في سماء السلطة ولكن تحت السقف المحدد لها وله أيضا . وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر , وفي إحدى محاضراته الجامعية , إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي آنذاك, "شدد في موازاته بين برنامج -حرب النجوم- الشهير وبين سياسة التلفزيون العالمي "Global Televesion "ولذا ينبغي إيلاءها نفس الاهتمام الموجه إلى المسألة الأولى , لينفتح الطريق واسعا أمام سيادة الثقافة الأمريكية " . وإذا كان الهدف الاستراتيجي للثقافة الأمريكية هو : غزو العالم والدول النامية على وجه التحديد, فإنه في منطقتنا العربية يهدف كذلك إلى "محاولة تيئيس المواطن العربي وقهره داخليا من خلال : نموذج حياة يبدو الوصول إليه مستحيلا , في سياق من تصوير الحضارة الغربية الرأسمالية الإمبريالية كقوة من الجنون المطبق محاولة التفكير في مقاومتها أو مناهضتها " ( حلمي سالم . مظاهر الغزو الثقافي الأمريكي والصهيوني لمصر . شؤون فلسطينية – العدد 118, 1981 , ص, 29 – 44 ) . مثقف السلطة يتبع موقف السلطة حول هذه القضية السياسية أو تلك . الولايات المتحدة , الدول الغربية , السلطة الفلسطينية جميعها أدانت عملية القدس البطولية الأخيرة , بالتالي فإن الملحق ( مثقف هذه السلطة ) لا بد وأن يدين هذه العملية , فليس منتظرا منه , موقف آخر !؟ . يبقى القول :إن العملية بطولية .. بطولية .. بطولية شاء أزلام السلطة أم أبوا ؟!.