06 أكتوبر 2025

تسجيل

فائدة المنافس المجنون

28 أكتوبر 2020

في التسعينيات كانت تكلفة رحلة الطائرة من مدريد إلى لندن حوالي ٧٠٠ دولار. وهو ما كان يعتبر سعراً عادياً ومناسباً، خصوصاً وأن الفكرة السائدة آنذاك بأن السفر بالطائرة ليس لذوي الدخل المحدود. وفي عام ١٩٩٧ أقر الاتحاد الأوروبي فتح الأسواق والأجواء أمام شركات الطيران الأوروبية، فاستطاعت شركات الطيران تسيير رحلات مباشرة بين أي مدينتين أوروبيتين بدون الحاجة للمرور على الدولة التي تنتمي لها تلك الشركة. وهنا صعد نجم شركة إيرلندية صغيرة اسمها Ryanair والتي قررت منافسة الشركات الكبيرة والعريقة بتقديم أسعار رخيصة. وحتى تتمكن من ذلك، فعليها خفض التكاليف لأقل ما يمكن. فقامت بفرض رسوم على الحقائب، واختيار مكان المقعد. واستبدلت بطاقة إجراءات السلامة بملصق على ظهر المقعد لتجنب الحاجة لإعادة طباعته في حال ضياعه أو تلفه. كما قامت بإلغاء جيب المقعد؛ لاستغلال أكبر مساحة بين المقاعد. وتقليل وقت التنظيف مما يعني دفع رسوم أقل أثناء الانتظار في المطار. والأغرب أنها فرضت رسوماً على استخدام الحمام؛ لتقليل استخدامه وبالتالي تقليل الوقت اللازم لتنظيفه وتقليل استهلاك المياه!. ولم تتوقف عند هذا الحد، بل قررت أن تقوم بتحويل رواتب موظفيها لبنك إيرلندي محلي، بالرغم من أن الموظفين قد يكونون في دول أوروبية أخرى؛ لتوفير مصاريف التحويل. وحاولت الشركة اقناع مصانع الطائرات بإلغاء مقعد مساعد الطيار؛ لتقليل عدد الموظفين على كل رحلة، ولكن فكرتهم قوبلت بالرفض لأسباب تتعلق بالسلامة. ساهمت هذه المبادرات - المجنونة - بتخفيض التكاليف، وبذلك استطاعت الشركة بيع التذكرة من مدريد إلى لندن بسعر ٤٠ دولاراً فقط. وهو ما دفع الشركات الأخرى لرفع كفاءتها وخفض مصاريفها الكبيرة لسد فجوة السعر، والمستفيد الأكبر من كل ذلك هو المسافر، الذي وجد خيارات متعددة وبأسعار تنافسية. Twitter: khalid606