15 سبتمبر 2025

تسجيل

تقطير (قطرنة) الوظائف في البلاد

28 أكتوبر 2016

كثر الحديث عن عملية الدعوة لتقطير (قطرنة) الوظائف الحكومية والقطاع الخاص في الأعوام الأخيرة، وهذا واجب وطني في الدرجة الأولى كيلا يكون هناك عاطل عن العمل من أهل البلاد التي حباها الله بالوفرة وقلة الفساد والمفسدين.(2)عندما تتحدث القيادة السياسية العليا في البلاد عن عملية التقطير، فإنها تعني في الدرجة الأولى، قطرنة الوظائف في المراكز العليا، أعني بذلك مديري ورؤساء أقسام في المؤسسات الخاصة والعامة، فمثلا الوظائف العليا في البنوك بالكاد يوجد فيها قطريون، وإن وجدوا فإنهم يعدون على أصابع اليد الواحدة، الخطوط الجوية القطرية، شركات التأمين وغير ذلك من المؤسسات والمصالح. قد يقول قائل بأنه لا يوجد قطريون مؤهلون لشغل مراكز قيادية في البنوك، والرد على ذلك القول المزعوم في غاية البساطة، عمر البنوك في قطر في المتوسط 40 عاما، ألم يستطع البنك في خلال الأربعين عاما من تأسيسه أن يدرب ويؤهل كوادر وطنية تكون مؤهلة لاستلام مراكز قيادية في البنوك. ومن هنا نقول إن على البنك المركزي مساءلة مجالس الإدارة في البنوك عن ذلك الخلل، وليس المصرف المركزي وحدة المسؤول، وإنما هناك وزارات معنية بهذا الأمر. لا أريد القول إن هناك مافيا هندية مسيطرة على المراكز الإدارية العليا في معظم البنوك لا تسمح بنفاذ أي قطري إليها، ولكن الحقيقة تقول غير ذلك.عدد البنوك العاملة في قطر 18 بنكا، كم من القطريين في مراكز قيادية في هذه البنوك، لا أبحث عن مدير فرع ولا عن مدير علاقات عامة ولا موظفين في إدارة الموارد البشرية، وإنما أبحث عن القطريين في العملية المصرفية والتي تشارك في رسم إستراتيجية البنك، هل هناك 18 قطريا بدرجة مديرين تنفيذيين أو نواب مديرين تنفيذيين، أو رؤساء إدارات هامة في الأعمال المصرفية ليس غيرها. بنك قطر الوطني يقول إن 71% من الوظائف العليا يشغلها قطريون، وأن نسبت التقطير بلغت أكثر من 50% وهذا عمل جيد، لكن ما هي مراكز الـ50%، وهل هناك تدرج وظيفي وخطة عملية لتأهيل كوادر الدرجات الدنيا للوصول إلى درجات أعلى؟ والحق أن بنك قطر الوطني أفضل البنوك في هذه المسألة.بنك آخر يعلن عن وظائف شاغرة في كل التخصصات، والجنسيات غير محددة، هذا، إعلان صدر في الصحف، وعلى موقع البنك الإلكتروني، فهل من حقنا سؤال ذلك البنك هل عملت إدارته على ملء تلك الشواغر من موظفي البنك من القطريين العاملين عنده لأكثر من ثلاثين عاما أو أقل بقليل أو كثر. بنك آخر يقول موقعه على الشبكة العنكبوتية إن نسبة إشغال الوظائف لديه من القطرين تجاوز الـ25%، وعند البحث والتدقيق تجد أن هذه النسبة تحتل الدرجات الدنيا في البنك المعني.إن الهدف الأعظم للدولة من مشروع تقطير الوظائف هو الإمساك بناصية الإدارات والأقسام الفاعلة في تلك المؤسسات وليس عملية تحشيد قطريين/ قطريات في مراكز دنيا يستطيع أداءها الإخوة المقيمون معنا على تراب هذا الوطن العزيز والحد من توظيف جاليات آسيوية مستوردة. (3)قرارات سيادية صدرت بإعمال، أي تفعيل، اللغة العربية في كل المؤسسات العامة والخاصة والشركات الأهلية، بل ووصلت إلى حد إصدار فواتير مشتريات أو مبيعات باللغة العربية أو اللغتين معا، وحتى قوائم الطعام في المطاعم يجب أن تكون باللغتين، السؤال، إلى أي مدى نُفذت تلك التشريعات السيادية؟كلنا يعلم أن اللغة السائدة في المؤسسات المصرفية وشركات التأمين، وأوريدو، والخطوط الجوية القطرية والشركات القطرية الأجنبية مثل شركات البترول والشركات المتفرعة عنها، هي اللغة الإنجليزية، وهذا في تقديري أخطر ما يواجه الدولة في قادم الأيام، إذ إن مستنداتها وعقودها ووثائقها تحتاج إلى وسيط، ومن هنا الدعوة إلى تعريب العمل في هذه المؤسسات ضرورة وطنية أمنية واقتصادية.الكل يعلم أن المافيا الآسيوية المهيمنة على الوظائف في تلك المؤسسات تعمل جاهدة لبقاء السيادة في الأعمال للغة الأجنبية، وأستطيع القول إن هناك أسرا آسيوية مهيمنة على كثير من الأعمال المصرفية ويمكن الرجوع إلى وسائل الاتصال الاجتماعي لنرى الحيف الذي يصيب المواطن القطري بالإحباط.(4)بلادنا قطر -حفظها الله من كل مكروه- تتوفر بها أيد عاملة عربية ومؤهلة علميا ومدربة يقيمون معنا على تراب هذا الوطن ويشاركوننا في همومنا وطموحاتنا، بل إن معظمهم انتماؤه إلى بلادنا لا يخالجه الشك، لكنهم بالكاد يجدون فرص عمل لأسباب تلك المافيا الآسيوية. إن عملية التعريب في هذه المؤسسات سيزيد من تشغيل القطريين من الجنسين، واستقطاب العمالة العربية المقيمة في البلاد. وفي تقديري لو صدر قرار من مجلس الوزراء أو من وزارات ذات الاختصاص بعدم استقدام موظفين من الخارج -خاصة للمؤسسات المصرفية- إلا بعد استنفاد عملية التشغيل من الداخل، على أن يكون لدى وزارة العمل سجل بتلك الوظائف المطلوب إشغالها وإمكانية توفر العمالة من الداخل. بعض المؤسسات المشار إليها أعلاه تعلن عن وجود وظائف بمواصفات عالية قد لا تتوفر محليا، الأمر الذي يلزم اللجوء إلى الخارج، وعند التدقيق تجد أن شاغل تلك الوظيفة المستقدم لا يتمتع بالمواصفات المطلوبة ويمكن أن يشغل وظيفته موظف محلي من القطريين أو إخواننا العرب المقيمين.آخر القول: إن تعريب الأعمال المصرفية لغةً وإشغالًا ومن في حكمها ضرورة وطنية وأمنية بالدرجة الأولى، فهل أنتم مدركون؟