12 سبتمبر 2025
تسجيلتولي الكيانات الاقتصادية القطاع الخاص أولوية قصوى في استراتيجياتها التنموية، بهدف تنويع قاعدة مصادر الدخل، وفتح آفاق أكثر عمقاً وتنوعاً للشراكات، وإتاحة الفرص الاستثمارية أمام المبادرات، وإيجاد حلول عملية للاقتصادات في ظل تذبذب مستمر لأسعار النفط والعملات، ورفد القطاعات الوطنية بأعمال صناعية وتجارية قادرة على المنافسة السوقية.وانطلاقا من هذه الأهمية، سعت دول مجلس التعاون الخليجي مبكراً إلى إدماج القطاع الخاص في مشروعات ضخمة، وعملت على تهيئة تشريعاتها وإجراءاتها القانونية لتحفيز القطاع الخاص على اقتناص الفرص في المشروعات خاصة ً البنية التحتية والطاقة والخدمات.في اللقاء الاقتصادي الذي انعقد بالدوحة مؤخراً حول مشاركة القطاع الخاص في التنمية سلط الضوء على عدد من التحديات، ورسم آليات النمو المستقبلية، مؤكداً أنّ دول التعاون كانت محفزة وقوة دافعة للقطاع الخاص.فالتحديات كما يراها خبراء في التضخم وانخفاض أسعار النفط، ومن خلال متابعتي للأحداث الاقتصادية فإنّ عالمنا اليوم يموج بتحديات أكثر صعوبة من ذي قبل، وأبرزها الصراعات السائدة في منطقة الشرق الأوسط، التي أسهمت في ارتفاع وتيرة القلق بين المستثمرين، وزادت المخاوف من الدخول في شراكات قد تتعرض لهزات اقتصادية فيما بعد، وعملت على إحجام رؤوس الأموال من استثمار الأفكار التجارية والصناعية في ظل أوضاع متقلبة.من هنا ركزت القطاعات الخليجية على خلق قوة دافعة للقطاع الخاص في المشروعات الضخمة كالطرق والجسور والموانئ والمطارات والبنية التحتية، وأتاحت لها الفوز بصفقات وتعاقدات لتقف على قدميها في خضم تنافس شركات عالمية.وفتحت المجال أيضاً للاستثمارات النوعية في السياحة والتعليم والصحة والمال والخدمات والتقنية، كما ابتكرت برامج تدريبية ومهارية للكوادر، وأنشأت مراكز تدريب وتأهيل اقتصادية للشباب، وأنشأت أيضاً حاضنات للأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهيأت لهم فرص الالتقاء برجال أعمال وخبراء.ورغم خطوات القطاعات الحكومية الخليجية دافعة بقوة للقطاع الخاص، إلا أنه لا يزال ينمو ببطء، ونجد أن نمو الشركات في قطاع الإنشاءات مثلاً يتقدم بشكل جيد، فيما نمو القطاع الخاص في قطاعيّ السياحة والتعليم يظل بطيئاً.والعوائق في رأيي أنّ المبادرين في خوض المنافسة قد لا يكونون على دراية كافية بنوعية العمل في شركات صناعية أو خدمية أو مالية، لأنها تتطلب دربة وممارسة وخبرات متراكمة.فاستثمار شركة مثلاً في الصناعة يتطلب خبرة متخصصة، وقدرة ومعرفة واعية بالصناعات، والحاجة الفعلية لمجال دون غيره، وقد يكون الاستثمار يعتمد على خبرات وافدة قد لا تعي حاجة الدولة فعلياً إلى قطاع بعينه.وعموماً.. دول التعاون تعتبر من أكثر الكيانات الاقتصادية التي تولي قطاعاتها الخاصة أهمية استراتيجية، وتدمجها في برامجها التنموية والمالية السنوية، مقارنة ً بالكثير من شركات القطاع الخاص في دول عالمية بدأت تعاني من الديون وتراجع أدائها وتدني أرباحها، وغياب الاهتمام الوطني بها.في مؤشر النمو للصناعات الصغيرة والمتوسطة في دول التعاون فإنها تشكل قرابة 80% من المنشآت الصناعية، وتنويع الشركات الخليجية في اقتصادات غير نفطية وخدمية ومالية وتكنولوجية، إضافة ً إلى الشركات العائلية التي تعتبر نوعاً من القطاع الخاص.وهي جميعها قطاع خاص يأخذ طريقه نحو التنمية، ويتطلب لإبراز نشاطه ونتاجه السنوي المزيد من العمل والخبرة الكافية لذلك.ففي الغرب.. أضحت الشركات العملاقة ذات المالية المتعددة، أساس الكتلة الاقتصادية، وكونت لنفسها فكراً اقتصادياً ومنهجاً مستقلاً، وقطعت شوطاً كبيراً من المنافسة والاحتكار والديون.. وهي كانت في الأساس شركات صغيرة في طور الفكرة.