14 سبتمبر 2025
تسجيليبدو واضحاً أن غالبية الدول العربية، التي تعاني وتتأثر وتُحاصر بالاضطرابات والتهديدات الإرهابية، قد أعمى بصرها وبصيرتها الكراهية التي تضخمت إلى حدود غير معقولة لمشروع الإسلام السياسي المبني على أسس تقدمية متطورة حضارية، وزاد في كراهية المشروع الديمقراطي ارتفاع أسهم جماعة الإخوان المسلمين المختلف عليهم والذي توج بحكم الرئيس محمد مرسي، وتلك الكراهية دفعت بالأنظمة المصابة بفوبيا الإخوان إلى حالة من اللامبالاة تجاه الأعداء الحقيقيين في المنطقة العربية وعلى رأسهم الاحتلال الصهيوني المتمثل بالدولة العنصرية الإسرائيلية التي يستبيح متطرفوها حرماتنا المقدسة في كل مناسبة دون رادع ولا ما نع. المحزن أن كل المصائب التي تتساقط على رؤوس العرب شعوبا ودولا وأنظمة كلها تأتي لخدمة إيران وإسرائيل، ولا ندري إلى أين تريد الأنظمة العربية الحاكمة أن تصل؟ أو ما الذي تريده وكيف تخطط على أساس أن لديها خططا سياسية وإستراتيجية واضحة، وإلى متى ستبقى حالة الميوعة كبحيرة ضحلة تسبح فيها دولنا الكبرى وكأنها تنتظر شيئا خارقا قد يأتي بين ليلة وضحاها ليغير وجه الكرة الأرضية. انظروا إلى إيران كيف تهدد وتندد بحكم الإعدام ضد الزعيم الشيعي المتطرف نمر النمر في السعودية ثم تنفذ حكم الإعدام بحق "ريحانة جباري" الفتاة السنية التي اتهمت بقتل مسؤول في الاستخبارات الإيرانية مرتضى ساربندي عام 2007 في ظل محاكمة بائسة وغير عادلة، ولم تهتم لرأي أحد بعد سجلت حالات إعدام وصلت إلى 174 حالة هذا العام، فيما حققت تقدما كبيرا في مشروعها النووي بفضل شراء الوقت الكافي جدا مع الدول الممانعة لها، واتفاقاتها مع واشنطن على الخطوط السياسية في الشرق العربي، وأسهمها في ارتفاع والدمار والقتل والحروب كلها في بلاد العرب. كل هذا بعدما تمددت إيران بكل أريحية في المنطقة العربية وعلى أيدي أنظمة وجماعات تدين بالولاء لها وتقوم طهران في المقابل بدعمها علنا وتحقق لها غاياتها الإستراتيجية، فبعد العراق الذي أصبح ساحة سياسية وميدانا للمناورات الإيرانية، واليمن الذي سقط كخيمة اقتلعتها الرياح بيد الحوثيين أتباع إيران، فقد بات التهديد يطال الدول الخليجية المجاورة التي لن ينفعها الندم، لإصلاح ما فرطت به تجاه أشقائها من الدول التي من المفترض أنها حليفة، فالتهديدات الإيرانية والاتهامات الكاذبة والمغرضة للسعودية ومثلا لتركيا لا تأتي من فراغ، بل هي مقدمة لما هو أكبر وهو تحشيد وتعبئة عامة لأتباعها ضد ما تسميهم الدول الراعية للمسلمين السنة المتطرفين، في المقابل تساعد بعض الأنظمة والأجهزة الاستخبارية العربية إيران بلا مقابل عندما تعمل على إفشال أي تقارب أخوي عربي. ألا يعلم أولئك خصوصا الكارهون لعودة العلاقات الأخوية بين قطر والسعودية لوضعها الطبيعي مثلا، والمناهضون لأي تقارب عربي عربي ويصمتون على تهديدات إيران المتكررة أنهم في كل يوم تزداد احتمالية تهديد كينوناتهم ووجودهم، أو على الأقل بقائهم السياسي، فشعوبهم ترى أنهم لا يقدمون أي فعل يعطي الشعوب إحساسا بأن أنظمتهم من الممكن أن تحميهم من أي خطر يهددهم، أو يحفظ لهم ما تبقى من كرامة أهدرتها سلطة الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المتطرفين الصهاينة الذين يستبيحون القدس الشريف ويحاصرون حتى اليوم البلدات والمدن الفلسطينية، أو الصفعات التي توجهها إيران إلى بلدانهم بأيدي أذرعها في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق. كنا نتمنى لو أن دولنا قامت بسحب سفرائها من طهران أو تل أبيب نصرا لغزة والقدس وسنة العراق وسوريا كما فعلت الشقيقات بسحب سفرائها من الدوحة لأن مسؤولا في دولة عربية قررت أن تحارب حركات الإسلام السياسي اتهم دولة قطر وتركيا بأنهما داعمان لحركات التحرر الإسلامي السياسي ديمقراطيا، ثم ماذا؟ عادت الدول الشقيقة إلى رشدها وتراجعت تكتيكيا عن قرارها، عدا نظام تلك الدولة الشقيقة الصغرى المصاب "بالشقيقة السياسية"، فهل يتجرأ أولئك الذين حرضوا ضد نظام الرئيس مرسي أو قطر أو تركيا أن يحرضوا أو يتآمروا سرا أو علنا ضد "الإمبراطورية الفارسية" التي ستبتلعهم يوما؟! على الأنظمة العربية التي تواجه الطاعون الإيراني سياسيا وتريد أن تكون آمنة على نفسها وعلى كينونتها أن تتوحد قلبا وفعلا لخلق مرحلة جديدة من التعاون السياسي والعسكري خصوصا في منطقة الخليج، وتنشئ حلفا قويا بلا أهواء أو ضغائن، فالمليارات التي تنفق على التسليح غير المفيد يمكن أن تنفق على حلف يكون الأردن من ضمنه وإن ليس حبا بالنظام فعلى الأقل للاستفادة من قواته ودعم اقتصاده مقابل الزحف الإيراني بالتهديدات والإغراءات، فهل رأى أحد كيف كانت عمان الوجهة الأولى عربيا لرئيس الوزراء العراقي علي العبادي بعد طهران التي أمضى فيها أول زيارة له، كيف لا يرى أخوتنا ما تراه إيران، وكيف تستطيع ما لا يستطيعون؟!