19 سبتمبر 2025
تسجيلأقر الكنيست بالقراءات الثلاث حل نفسه وإجراء انتخابات تشريعية في 22 يناير القادم. غالبية استطلاعات الرأي الإسرائيلية تؤشر لفوز نتنياهو في الانتخابات القادمة، وهو في كلمته في الكنيست قبل التصويت على الانتخابات أدّعى"أن الانتخابات المقبلة ستمنحه ولاية أخرى في رئاسة الوزراء" وكأنه واثق في الفوز بالاعتماد على نتائج الاستطلاعات، لكن ليس بالضرورة أن تأتي النتائج مطابقة لاستطلاعات أجريت قبل ثلاثة أشهر ذلك أن الحياة السياسية الحزبية الإسرائيلية غالباً ما تشهد حركات انضمام وانشقاق لمؤثرين حزبيين ولتحالفات قد تؤثر فعلياً على النتائج قبيل الانتخابات. إن تحديات عديدة تواجه نتنياهو في المرحلة المقبلة قد تؤثر وتؤدي إلى عدم فوز الليكود بالكتلة الأولى في الانتخابات، هذا إلى جانب سياسات مارستها حكومته خلال ثلاث سنوات ونصف السنة ارتدت عكسياً على الإسرائيليين وأوضاعهم وأبرز هذه التحديات: أولاً: المسيرة السابقة للحكومة اقتصادياً والتي أدّت إلى العجز في الميزانية وارتفاع أسعار السلع بما فيها الحياتية، واقتطاع نسب كبيرة من أموال التأمينات الاجتماعية، وهو ما أدّى إلى مظاهرات عارمة احتجاجاً على هذه السياسات والخطط الحكومية، أحد أسباب تقديم نتنياهو لموعد الانتخابات هو خشيته من عدم التصويت عليها بالثقة في الكنيست(فليس كل حلفائه في الحكومة مع التصويت عليها) والاقتطاعات في الميزانية تقارب(4) مليارات دولار. وفي العادة يُعرض مشروع الميزانية قبل حلول السنة الجديدة بثلاثة أشهر(في سبتمبر) وهو ما لم يتم في هذا العام. سياسياً: إسرائيل وباعتراف غالبية الأحزاب السياسية المعارضة والمراقبين والكتّاب السياسيين تعاني عزلة دولية على الصعيد السياسي لم تشهدها من قبل علاقات التوتر مع الولايات المتحدة وأوباما مسألة قائمة حول ضرب المشروع النووي الإيراني، لقد سبق لنتنياهو وأن وعد"بأن إسرائيل ستقوم بضربة عسكرية لطهران في خريف العام الحالي". من الصعوبة بمكان على نتنياهو القيام بالهجمة في ظل الانتخابات الأمريكية ودون ضوء أخضر منها. "زاد الطين بلة" أن المرحلة القادمة ستكون تحضيرية للانتخابات الإسرائيلية، الأمر الذي يصّعب من القيام بالهجوم. نتنياهو في خطابه في الأمم المتحدة مدد موعد الهجوم إلى الربيع القادم. على صعيد التسوية، وصلت إلى طريق مسدود مع الفلسطينيين. كل هذه القضايا تجعل من ناخبين كثيرين يفكرون مراراً قبل انتخابات قائمة الليكود، والتي على رأسها بالطبع سيكون نتنياهو. ثانياً: إعلان وزير الاتصالات العضو في الليكود موشيه كحلون عدم حوض الانتخابات البرلمانية رغم بقائه في الليكود. الإعلان أثار هزّة في الليكود فهو من عائلة شرقية فقيرة، وذو توجهات اجتماعية تميل لصالح الفقراء. أثناء تسلمه للوزارة بادر إلى سلسلة من الإصلاحات في قطاعي الاتصالات الأرضية والهواتن الخلوية، أدت إلى خفض أسعارها بصورة حادة. كحلون أكثر الزعماء شعبية لدى اليهود الشرقيين وهو مفتاح الحزب الذي ينتمي إليه للحصول على نسبة تأييد عالية من اليهود الشرقيين. من داخل الليكود أيضا وممن قد يسببون حرجاً لنتنياهو، اليميني المتطرف في الحزب موشيه فايغلين الذي نافس نتنياهو على زعامة الحزب أثناء انتخاباته الأخيرة، وحاز على ما يزيد على ربع الأصوات. في العادة يختلف مع نتنياهو على ترتيب الأسماء في لائحة الحزب، بعض التحليلات أشارت إلى إمكانية انقسامه وتياره عن الليكود رغم عدم وجود ما يشير إلى ذلك من دلائل، غير أنه من الصعب على نتنياهو وضع فيغلين. ثالثاً: التحدي الذي قد يشكله إيهود أولمرت في حالة عودته إلى الحياة السياسية إلى حزب كاديما وتحالفه مع تسبي ليفني التي نحّاها عن رئاسة الحزب شاؤول موفاز(الرئيس الحالي للحزب) فوفقاً لاستطلاعات رأي كثيرة (كلها ترحّج خسارة نتنياهو فقط أمام أولمرت) ومنها استطلاع لمركز سميت(وهو مركز ذو ثقة) فإن تحالف أولمرت- ليفني سيفوز بــ(31) مقعداً، أما الليكود فيحصل والحالة هذه على(27) معقداً. إن أحد أسباب تقديم نتنياهو لموعد الانتخابات هو قطع الطريق على إيهود أولمرت للعودة للحياة السياسية. معروف أن المحكمة كانت قد برّأت أولمرت من تهم حول الفساد وإدانته بقضية إدارية ولم تفرض عليه السجن الفعلي، كما أنه لا يزال يواجه محاكمة حول شبهة تلقيه رشاوى لتنفيذ مشروع معماري في القدس المحتلة منذ العام 1948، وهذا حينما كان أولمرت رئيساً لبلدية الاحتلال. وفقاً لما يقوله القضائيون: لا يوجد ما يمنع أولمرت(حتى هذه اللحظة) من العودة إلى الحياة السياسية. رابعاً: إمكانية قيام تحالفات جديدة في إسرائيل لعل أبرزها بين أحزاب كاديما، العمل، يوجد مستقبل. هذا التحالف وفقاً لمحللين سياسيين عديدين قد يهدد فرص نتنياهو بالفوز بولاية ثانية لرئاسة الوزراء. أما بالنسبة لباراك وحزبه(الاستقلال) فلن يتمكن من تجاوز نسبة الحسم، الأمر الذي قد يدفعه للبحث في الانضمام لحزب جديد. ألوان الطيف السياسي الحزبي الإسرائيلي واضح لكن لن يخلو من مفاجآت عديدة خلال الأشهر الثلاثة القادمة، ملفات كثيرة تكون قد حسمت وستترك تأثيرها على الانتخابات. أيضاً فإن نتائج الانتخابات الأمريكية تكون قد ظهرت: أوباما أو رومني وبهذه الطريقة أو تلك سيؤثر ذلك على الانتخابات الإسرائيلية. يبقى القول: إنه رغم علم استطلاعات الرأي لكن بالضرورة ليست هي كل شيء.