19 سبتمبر 2025
تسجيلالفرق بين أعضاء التشكيل الوزاري الاول في بداية الدولة والتشكيلات اللاحقة لذلك ابتداءً من عام 1989، أن التشكيل الوزاري الاول جاء والمجتمع يقوم على الانتاجية المجتمعية "قيم المجتمع"، بينما التشكيلات اللاحقة جاءت والمجتمع قد اعتمد أو بدأ الاعتماد على قيم الريع. قد يتساءل أحد: هل كان المجتمع في ذلك الوقت مجتمعاً منتجاً وتحول بعد ذلك الى أن يصبح ريعياً؟ أقول: نعم، بالمعنى الاجتماعي وليس بالمعنى الاقتصادي. التشكيل الوزاري الاول كان مواكباً لدور الفرد الاجتماعي في البلد، وانتاجيته الاجتماعية التي يمكن اختصارها في: الشخصية القوية، وإبداء الرأي، والتطابق بين المنصب وشاغله، بل اختزال المنصب في الشخصية ودورها في المجتمع، لذلك رأينا تواضعاً جماً وثقة عظيمة بالنفس، وموقفاً وطنياً مشرفاً، ومساعدة بلا حدود للمواطن، ليست هناك مسافة بين المنصب وشاغله، بحيث لكي يملؤها يحتاج الى تنازلات او علاقات من هنا وهناك، كما رأينا حينما اصبح الريع مؤثراً في عملية الاختيار والتشكيل، لذلك حتى وبعد مرور كل هذه العقود لو سألت من عاصرها سيحدثك عن التشكيل الاول وميزاته الكثيرة، لم يحملوا الشهادات التعليمية، وليسوا ممن يتكلم اللغات، لكنهم كانوا يحملون ثقافة الوطن بمحليته ويتكلمون لغة الارض البسيطة. لا أعني قصوراً فيمن أتى بعدهم، الا انه لم يكن لهم ذلك التجذر الاجتماعي في ذهنية افراد المجتمع، الا عدداً محدوداً جداً حمل بعضاً من تلك الصفات، تجدهم في السوق، وتكلمهم في الشارع، وتعرض مشكلتك وحاجتك في المجلس، ويحملونها بكل أمانة "وتأثير"، لم نسمع عنهم حكايات مثلما سمعنا لاحقاً. كان راتب الوزير 20 الف ريال، ولم نسمع أن احدهم قد تضخم حتى كاد ينفجر من المنصب، جيل يجب أن يُذكر، جيل يجب ألا ننساه، علينا أن نعيد الانتاجية الاجتماعية للمنصب قبل أن نعيد الانتاجية للاقتصاد، المنصب يحتضر ليس لكونه فارغاً فراغاً دستوريا، ولكن لكونه فارغاً فراغاً اجتماعياً مؤثراً.