11 سبتمبر 2025

تسجيل

جاهلية العلم والعمل

28 سبتمبر 2016

الجاهلية لم يكن فيها بلاء أكثر من التفاخر بالأنساب والأحساب حتى جاء الإسلام فمقتها وحذر منها، لأنها لا تولد خيرًا، سواء على مستوى الفرد أم المجتمع، وهي صيغة من صيغ التواكل بما عمله الأولون ويجعل الإنسان يفاخر بما لم يعمل، وهذا بلا شك لا ينطبق على الحسب والنسب فقط حتى الأعمال، فإن الفرد منا لا بد أن يفخر بما قدمه للحياة، وبما قدمه لمجتمعه وأهله وبلده، وهنا يأتي التفاخر ومن هنا يصنع كل واحد منا تاريخه. عندما يأتي القرآن ليشرح لنا معنى التاريخ بأنه قصص للعظة والعبرة التي تصقل الحكمة في قلب هذا وذاك، فعلينا ألا ننظر له إلا بهذا المنظور فتاريخ أبي وأبيك وجدي وجدك وتاريخ قومي وقومك لابد أن يكون محفزًا لنا لأن نتطور ونعمل ونصنع ما عجزوا عنه، هنا تكمن الهمة العالية في صناعة المجد، وهذا يأخذنا للحديث عن فهم العصامية في العمل والحياة بأن تعمل بقدراتك وأدواتك وبعقلك تنتج وتبتكر تصنع ذاتك فتجعل من حياتك قصة تكتبها لمن بعدك لأولادك وبناتك ولأسرتك، فلا يهمني اليوم أن يفخر بي الأبناء ولا المجتمع، بل المهم أن يتعلموا مني.. من قصتي من حياتي من كفاحي هنا وهناك، فالمجد لا تصنعه العظمة، لأن العظمة قد تورث ولكن المجد عصامية عمل وكفاح نفس وطيب أخلاق تخالط بها الناس.من لم يبدأ من الصفر فلن يعرف للحياة طعمًا ولذة ولن يعرف حقيقتها لأنها مراحل ودرجات وتنوع لا يمكن أن تجمع حكمتها ما لم تعيشها بتفاصيلها فلم يولد محمد صلى الله عليه وسلم يتيمًا بالصدفة ولم يرعى الغنم عبثًا ولم يضطهد في بداية دعوته ضعفًا فهو أبن حسب ونسب ولكن الله يعلمنا من قصته معنى الحياة ولم يوضع يوسف في الجب ويودع في السجن ويؤخذ عبدا بالصدفة فهو أبن نبي وحفيد أنبياء ولكن الله يسرد لنا قصة ملهمة لمعنى الحياة.علينا أن نتعلم من الأرض بأنها لا تنبت وتخضر إلا بالعمل وعلينا أن نتعلم من النحل أن الشهد لا ينتجه إلا عمل منظم بهدف واضح وكل مخلوق من حولنا يعلمنا أن الحياة عمل وطموح ولكل طريقته في إنجاز عمله وأنه لا مجال للتواكل والاتكال فكل واحد منا معني بشق طريقه في هذه الحياة.هذه هي الفلسفة التي لابد أن نربي عليها أبنائنا وبناتنا في البيت والمدرسة فثقافة وقوانين الحياة يجب زراعتها فكرًا في قلوب أبنائنا قبل علم العلوم فنجعل في عقولهم علمًا وفي قلوبهم همة وطموح يقودهم لأمجادهم فعلينا أن نتوقف عن تعليم التاريخ لنقول لأجيالنا أننا كنا بل نعلمهم التاريخ لنقول لهم كونوا أنتم فبالعمل زرعوا ونحن بالعمل نحصد ونزرع والحكيم من علم ماذا سيحصد وماذا سيزرع.