15 سبتمبر 2025

تسجيل

مشروع التمكين الاقتصادي

28 سبتمبر 2015

* حينما تدفق الماء في تلك الأرض القاحلة ونبت زرع أخضر ورفرفت أغصان شجيرات النخيل سجد تلاميذ مدرسة الأساس بقرية دنقلا العجوز وأهاليهم ومعلموهم في إحدى قرى الولاية الشمالية، أنشدوا وغنوا وزغردت الأمهات، كان يوم فرح حقيقي، وكيف لا والنخيل قوت إنسان تلك البقاع وعملا بالقول "إن كان بيد أحدكم فسيلة وقامت القيامة فان استطاع أن يغرسها فليغرسها".* دنقلا العجوز هي بوابة دخول الإسلام للسودان وأرض لأقدم حضارات الانسان وتحتضن بداخلها كنوزا دفينة إن تم كشفها ستغير صفحات التاريخ الانساني وبرغم ذلك فان انسانها يعيش تحت ظروف معيشية قاسية جدا وتقود قطر حاليا مشروعا طموحا لإعادة تعمير وتأهيل آثار تلك المنطقة التاريخية القديمة التي كان يشار اليها بالبنان، قامت فيها العديد من الممالك والدويلات والحضارات. * مثل هذه المناطق مع الاسف الشديد مهملة تماما حتی المنظمات والجمعيات الخيرية لم تصلها؛ لذلك كان مشروع صيانة مدرسة الاساس بقرية "الغدار" وحفر بئر ارتوازية وتعبيد الاراضي في محيط المدرسة وغرس مائة وثمانين نخلة كمرحلة اولی تمثل للاهالي والتلاميذ الفقراء بارقة امل ورجاء بحياة معيشية افضل خاصة وانه بعد حصاد اول محصول للاعلاف ( البرسيم ) المخصص لتغذية الحيوانات والذي يزرع عادة لتروى شجيرات النخيل كما تم إلغاء رسوم مدرسية كان الاهالي يتحملونها واعتمدت المدرسة كمركز امتحانات لانها مؤهلة لذلك.* من خلال هذه التجربة التي وثقنا لها بالصورة والقلم وسجلات مالية دقيقة استطيع ان اقول ان المبالغ الزهيدة قياسا بالملايين التي تصرف لمساعدة الفقراء بان هذا المشروع يسجل كعلامة مميزة في المديرية الشمالية وحصاده سيتزايد عاما بعد الآخر لحراسه اهم ملح الارض الغبش البعيدين عن عدسات الفضائيات صولات وجولات المسؤولين الجالسين علی كراسي الحكم ... * ان مشروع التمكين الاقتصادي فلسفة اسلامية ومدرسة لكيفية ان يأكل الانسان مما يزرع ويحصد وفق بيئة فليس اكرم علی الانسان شيئا وارطب لقلبه من ان تحفظ له انسانيته وتشعره بآدميته واحقيته في الحياة الكريمة ليعمر الارض.* إن مصافحة اياد مثل الفقراء والمحتاجين هي مصافحة للانسانية في اسمی معانيها ... عبر هذه الكلمات ابعث بشحنة التقدير والمحبة لكل من مد اياديه بالعطاء من اخواتي وصديقاتي فالعطاء خصلة متجذرة في عموم اهل قطر ولكنها في "الغدار"كانت غير، حملت الكثير من الدلالات والمعانى والعبر ... بثت فيهم روحا جديدة وشعابا من المحبة، فليس اجمل من ان يحمل المسلم هموم اخيه المسلم ويسمع آهاته ومواجعه ويصب الماء العذب ليغسل له همومه ليشبع ويرتوي وينعم بقسط من الراحة.* شكرا لجميع شريكاتي المحسنات القطريات المساهمات في ان تكون حياة تلاميذ يجلسون علی مقاعد الدرس وبطونهم خاوية وملابسهم مهترئة كريمة وشريفة .. لا املك الا الدعاء ان يثقل الله به ميزان حسناتنا جميعا .