14 سبتمبر 2025

تسجيل

في إطار التعليم والتدريب الحلم سيد الأخلاق

28 سبتمبر 2012

يتسع الأفق، فيستوعب الإدراك العلوم المختلفة، لتستقر في الذهن مشكلة بذلك نقلة فكرية لتتفاعل مع المنطلقات الحضارية، وتؤسس الرقي في المستوى، على نحو يترجم الأسباب الداعمة للتطبيق واستثمار العائد الإيجابي على جميع الأصعدة، سواء ما يتعلق منها بالصناعة، والطب والهندسة، والفلك والاقتصاد، وما إلى ذلك من تنوع معرفي، يفضي إلى تنمية فكر الإنسان، وهو الثروة الحقيقية للأمم، التي تبذل الغالي والرخيص في سبيل نهضتها وتطورها، ولا ريب أن التعليم والتدريب عنصران رئيسان في طرق النهوض الحضاري، بكل ما يتطلبه من بحث واحتكاك واكتساب للخبرات، في المجالات المختلفة، ويعتبر استيعاب المعلومة منطلقاً للمعلم أو المدرب بهذا الخصوص، فالاستيعاب يؤدي إلى الفهم، والفهم يقود إلى التطلع للمرحلة التي تليها، في سلسلة مترابطة إذ يقود التراكم المعرفي المتكئ على قدرة الاستيعاب، إلى بلوغ المراحل بانسيابية تعزز من تدفق المعلومات، وغرسها في الأذهان بصيغة تؤدي بالتالي إلى اكتمال العناصر المراد تحقيقها وصولا إلى الهدف، وهو نقل المعرفة سواء كان ذلك عبر التعليم أو التدريب، بأساليب سلسة تحاكي الإحساس، عن طريق الترغيب وإبراز العائد من هذا الأمر إذ تشكل القناعة محوراً رئيسياً في مسألة التقبل ومن ثم تطويع الذهن، وفقا للقناعة الراسخة من جدوى ذلك مما يسهل في عبور المعلومات، بحرفية المعلم وما يمتلك من مهارات مكتسبة وخبرة في هذا المجال، ولما كان للمعلم والمدرب وكل من يبسط علومه ومعارفه وينقلها للآخرين بحس إنساني نبيل، وشعور وطني يجسد المحبة والولاء، فإن استشعار الرسالة النبيلة والواجب تجاه تعليم الآخرين وتطوير مهاراتهم وتدريبهم يعد من مآثر الشهامة والمروءة، والإخلاص الذي يسري في الشرايين ليضخ القلب المتدفق بالخير، ينابيع العلم فتنساب رقراقة في عقول الشباب لتنتج جيلاً يطرق سبل المعرفة باحترام المعلم وتقديره وأريحية المعلم ورحابة صدره، التي اتسعت لتستلهم الصبر ونيل الأجر، ومما لا شك فيه أن المعلمين فضلا عن دورهم البارز في تهيئة شباب الأمة، وتطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم، فإن حجر الزاوية في هذه المسيرة المباركة تتمثل في اتساع الصدر، حيث إن مستويات الطلبة والمتدربين، تتفاوت فمنهم من يكون لماحا ويدعمه ذكاؤه بهذا الخصوص في استيعاب المعلومة، ومنهم من يكون أقل من ذلك، لذا فإنك تجد المعلم يمعن في التركيز على الشريحة التي تتطلب من المعلم المزيد من الصبر، والتركيز في هذه الناحية، ولعل من المناسب هنا التطرق إلى بعض النقاط التي يمكن أن تسهم في تسهيل استيعاب المعلومة، بحيث يتم العمل بنظام المجموعات، أو بالأحرى الغربلة الاستيعابية بمعنى أن يتم إشراك الطالب الأكثر ذكاءً مع نظيره الذي يقل عنه في المستوى، لأن الفهم من الطالب إلى الطالب الآخر، سيشحذ الهمم، ويحفز الطالب على استثمار القدرة في الاستيعاب، بتعزيز مستوى الثقة، فقد يكون الطالب الأقل استيعابا من وجهة نظر المدرس، يمتلك القدرة في تنمية تفكيره، غير أن العوامل ولا سيما النفسية قد تقف حائلا دون تحقيق تطلعه في بلوغ الهدف، في حين إنه مع زميله ستتحرر قدراته الذهنية من بعض القيود، كالرهبة والخوف من المعلم، الذي بدوره يستطيع القياس بشكل دقيق بإتاحة الفرصة وحلمه، الحلم هذه الصفة المشعة في سماء العلم والأدب والمعرفة والأخلاق، والحلم سيد الأخلاق ولا ريب في ذلك وهو يخضع التفاعلات النفسية لصوت الحكمة، حينما تنسج الأريحية خيوطها، الذهبية البراقة، لتسطر أجمل المآثر، برقة العبارة، ولطف المعشر، في تناغم بديع متسق مع الرسالة السامية التي يحملها المعلم على عاتقه، بالرغم مما يتطلبه أداء الرسالة من صبر وتحمل، يؤجر عليه، في حين أن الصبر هو العامل المشترك بين الطالب والمعلم، فإذا كان صبر الطالب مضاعفا لحاجته للعلم والمعرفة فإن صبر المعلم جسر العبور، لتطور الأمة وتقدمها بأفكار أجيالها، التي تستمد الغذاء المعرفي، من رواد هؤلاء الأجيال، ومعلميهم، فتحية مفعمة بالتقدير للمعلم وللدور الجليل الذي يقوم به المعلمون والمعلمات، والذين يدركون كذلك بأنهم لم يصلوا إلى هذه المراحل المتقدمة، إلا عبر صبر وحلم معلميهم، وهذا الامتداد المخضب بالنبل، هو سمة أبناء هذه الأمة وهي تستقي الأساليب التربوية وتطبقها وفق قيمها الراسخة. بتواضع مفعم بالرفق والسماحة.