11 سبتمبر 2025

تسجيل

منصب تفصيل

28 أغسطس 2022

جلس الجد بوراشد بين أحفاده سهى ونهى وعاطف و جمعان "ليحازيهم، حزاية كل ليلة "، والحزايه في التراث الشعبي هي قصة قصيرة قبل النوم تحكيها الأمهات والأجداد لأبنائهم وأحفادهم الصغار، فقال الجد بوراشد "كان يا ما كان في عصرٍ مضى، كان فيه غابة اسمها غابة الأنهار كان يحكمها أسد طيب يحبه كل سكان الغابة، اجتمع في يوم من الأيام بحاشيته من الأسود ووزرائه من النمور والفهود، وقال لهم انا باخذ رايكم في تعيين القرد ابوالموز في منصب من مناصب الغابة، لاني بصراحة اشوفه نشيط وعنده سوالف تضحكني ودايم يوسع صدري إذا كنت متضايق فشرايكم "، قاطع جمعان جده وسأله وبراءة الأطفال في عينيه " يدي (جدي) شلون الحيوانات تتكلم ؟"، ردت سهى على جمعان " يا الغبي اول كل شي يتكلم"، ضحك الجد من حوار الاحفاد وقال " يا جمعان هذي قصة مش حقيقية وفي القصص كل شي يصير، وبعدين يا سهى عيب تسبين اخوج، المهم يا عيالي خلوني اكمل، صار الحاضرين عند الأسد كل يناظر الثاني وكأنهم متعجبين أو مب راضيين على كلامه ولكنه الأسد ولا يقدرون يعصون أمره، فتجرأ كبير الوزراء النمر عدوان وقال: سيدي الأسد يعني شنهو المنصب اللي ممكن نمسكه لقرد، وانت ادرى ان القرد ما مهرته (أي جل ما يقوم به) إلا تسلق الأشجار والاكل ولا له في إدارة شؤون الغابة. التفت الأسد الملك على كبير وزرائه وقال له " بالامر يا عدوان تشكلون وزارة وتحطون القرد ابوالموز وزير عليها وينفذ قراري في الحال ". تابع الجد بوراشد سرد قصته لأحفاده فقال "المهم ان الجميع بدأوا في تنفيذ امر الملك بالرغم من معارضتهم لهذا القرار لأنهم يعرفون ان دائما يتم اختيار الشخص المناسب للمنصب مب يتم تفصيل المنصب على الشخص لان هذا الامر راح يؤدي الى ضرر كبير للوزارة اللي بيتولاها القرد، وبالفعل تم تشكيل وزارة جديدة وتم تعيين القرد عليها، وأول شي سواه القرد بعد ما صار وزير عين اخوانه وجماعته من القرود في مناصب كبيرة في الوزارة، ولأنه ما عنده الكفاءة والمؤهلات اللازمة لمثل هذا المنصب بدت المشاكل تكثر في الغابة بسبب سوء القرارات اللي يتخذها القرد وشلته من القرود ". قالت نهى لجدها زين وبعدين شصار يا يدي، قال الجد " بعدين راح النمر عدوان للأسد وقاله بكل سوالف القرد فغضب الأسد على النمر عدوان وقال له انت أصلاً مب كفوا تكون المسؤول الأول لانك ما تعرف تدير الوزارات فأنا بعزلك وبحط الحمار جحشان ليتولى الأمور" وفعلا عين الملك الحمار جحشان المسؤول الأول ووصاه انه يصلح الأمور فقال الحمار جحشان ابشر طال عمرك راح ارتب لك كل شي انت بس ارقد وأمن، جمع جحشان المسؤولين وقال لهم انتوا مقصرين بحق الحمير في الغابة ولازم يتم تعيينهم في كل المناصب وهذي أوامر الأسد. رضخ الجميع للأمر الواقع وتم تعيين أقرباء جحشان في كل المناصب المهمة لكن الأمور اعتفست اكثر (تدهورت) فوصل الامر للأسد فنادى في الحال حكيم الغابة الفيل بوناب فجاءه مسرعا، فسأله الأسد يابوناب انت حكيم الغابة فشنهو الحل، سكت الفيل شوي ثم قال، سيدي الأسد السبب في اللي صار هو التفصيل، تعجب الملك من رد الفيل وقال له، شتقصد يابوناب وضح ما فهمتك؟، قال الفيل اطال الله عمرك لما يتم تفصيل المنصب على الشخص هنا بداية النهاية لأي عمل". "طبعا انتهت الحزايه والاحفاد رقدوا واولهم جمعان ولا دروا شيقصد الجد بوراشد." ختاما أقول: قال تعالى في سورة الأحزاب الآية 72 ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولً ﴾، والمناصب أمانة في عنق من تولاها، فكل ما زاد التشريف زاد التكليف، ولنا في هدي وسنة الرسول القدوة لاختيار الأفضل والأكفأ، فقد سأل أبوذر رضي الله عنه – وهو من هو في الصلاح والزهد والعلم والخُلق الرسول صلى الله عليه وسلم لماذا لا يستعمله (أي يوليه منصب)، فقال له: (( يا أباذر! إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)) رواه مسلم.