14 سبتمبر 2025

تسجيل

البُهتان

28 أغسطس 2022

انتشرت مساعي مكافحة الفساد في دول الخليج العربي في العقد الأخير من خلال إنشاء أجهزة رقابية تختص بمكافحة الفساد بشتى أنواعه ونشر الوعي لدى المواطنين والمقيمين. ومن الطبيعي أن تنتقل ثقافة مكافحة الفساد من الحكومات إلى الشعوب للمشاركة في هذه المساعي المباركة، وقد كان نشر الثقافة العامة لمكافحة الفساد من أهم واجبات هذه الأجهزة الرقابية. والسبب هو أن أفضل طريقة لكشف الفساد كما هو مثبت في أمريكا وأوروبا هو التبليغ الداخلي، حيث تتكشف للموظف داخل المؤسسة أو الوزارة ما قد يخفى على جهاز المكافحة الوطني. ولكن للأسف، انتشرت لدينا ثقافة الاتهام والتعرية من دون وجه حق ومن دون بيّنه، كما يحدث في بعض المجالس والتجمعات، حيث يتكلم الشخص عن فساد الوزير والمسؤول الفلاني، وحين تسأل عن المصدر يقول حدثني فُلان عن فلان دون تبيان، وذلك لوحده بُهتان منافٍ للقيم الإسلامية، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. يجب على الإنسان أن يتبين صحة الحديث قبل أن يصدقه، فلا يعلم أكان المصدر هذا فاسقاً أم كاذباً أم حاقداً على هذا المسؤول، ففي عهد عمر رضي الله عنه عُزل سعد ابن أبي وقاص عن الولاية بسبب تهمة رجل يقال له أسامة ابن قتادة حيث اتهمه بالظلم والسرقة، فدعا عليه سعد رضي الله عنه بأن يطيل الله عمره وفقره ويعرضه للفتن، وقد شوهد أسامة ابن قتاده بعد زمن فقيراً قد سقط حاجباه من الكبر، يتعرّض للجواري في الطرق. وفي الخاتمة، لا شك لدي أن الفساد موجود لدينا، ولكن تصديق القيل والقال ونشر التُهم ظلمٌ كبير عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة، نسأل الله لنا ولكم تجنب الخوض في ما لا يرضيه.