12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل الأزمة الخليجية مرتبطة بترامب ؟

28 أغسطس 2018

من عجائب الزمان أن ينقسم العرب ويظهر معسكر متخصص في الدفاع عن الرئيس الأمريكي !! الأزمة غير مرتبطة بشخص ترامب بل بحقد خليجي وأطماع الأشقاء وستستمر بعد رحيله في العشرين من يناير ٢٠١٧ تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بصفته  الرئيس الخامس والأربعين، وفي الخامس من يونيو ٢٠١٧ أعلنت دول الحصار بدء حصارها على قطر، ومنذ ذلك الحين وكثير من المثقفين يعقدون الآمال على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليحل الأزمة، رغم أنه طرف فيها وأحد الداعمين لها من جانب دول الحصار في بدايات الأزمة. وبعيداً عن الأزمة الخليجية يواجه ترامب أزمة داخلية قد تطيح به من سدة الرئاسة، وقد تمنع تجديد ترشحه في أسوأ تقدير في حال أكمل السنوات الأربع، ومن العجيب أنه كلما زاد الخناق محلياً على ترامب، وهو شأن أمريكي خالص، تزداد حملات الدفاع عنه من قبل إعلام دول الحصار وقنواتهم   من مؤسسات وأفراد، وكأنه أصبح يمثل لهم القائد الأكبر، أو الزعيم المنتظر، فبات من عجائب هذا الزمان أن ترى الإعلام والإعلاميين العرب ينقسمون إلى معسكرين، معسكر ينقل ما يحدث لترامب من أحداث في الداخل، ومعسكر أصبح شغله الشاغل الدفاع عن "العم" ترامب. نعود لبيتنا الخليجي، وربط حل الأزمة برغبة ترامب، وقدرته على حلها، والحقيقة أن قدرة ترامب على حل هذه الأمة مرت بعد مراحل نلخص بعضاً منها: # بداية الأزمة، وهي مرحلة كان فيها ترامب داعماً بشكل شخصي لدول الحصار بناء على اتفاقه المسبق معهم وال ٤٦٠ مليارا التي حصل عليها فقرر تخصيص حسابه  الشخصي على تويتر لارسال بعض التغريدات التي ترضي دول الحصار وكان يسعى من خلالها لمزيد من المكاسب منها.  # مرحلة ما بعد لقاء سمو أمير الكويت، وهنا وبناء على اللقاء وبناء على تقارير المؤسسات السيادية تغير الرجل وأصبح راغباً في حل الأزمة دون أن يمارس ضغطاً حقيقياً، فقد كان يراهن على الوساطة الكويتية بدعم بسيط منه لا يسبب له الحرج مع دول الحصار، وهو ما لم ينجح فيه ولم تحل الأزمة. # المرحلة الثالثة كانت ظهور بوادر انقسام حقيقي في منظومة مجلس التعاون الخليجي التي قد تؤثر على المصالح الأمريكية في المنطقة، وهنا بدأ ترامب يضغط أكثر لحل الأزمة ولكن ليس بالقوة الكافية أيضا لكنها كانت دفعة أقوى من سابقتها. # راهن ترامب في المرحلة الرابعة على لقاء خليجي في كامب ديفيد لم يتم كما هو معروف، ولعل من أهم أسبابه خوف ولي عهد الإمارات من التورط في قضية الانتخابات الأمريكية وبروز اسمه في هذه الأزمة التي بسببها تأجلت زيارته أكثر من مرة ويبدو أنها ألغيت، ولم يمارس ترامب أي ضغط حقيقي قوي أيضا لكن هذه المرة بسبب افتعاله لأزمات أخرى مع الاتحاد الأوروبي وكوريا الشمالية وإيران وبالتالي لم يكن الملف الخليجي الهاجس الأول بالنسبة له. # مع وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه اليوم نستطيع أن نقول ان الرئيس الأمريكي أصبح عاجزاً عن حل هذه الأزمة، وبسبب تصرفاته وعدم وجود الرغبة الحقيقية لحلها منذ البداية فإن الحل لن يكون أمريكياً، خاصة بعد ازدياد الخناق من المحقق مولر على عنق ترامب مما يجعل الأزمة الخليجية في آخر اهتماماته، كما أنه وإن عاد لحلها فإنه سيعجز لأنه لم يعد يملك تلك "الهيبة الأمريكية" التي كانت للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. ذلك يقودنا إلى الجواب المهم: لم تعد الأزمة الخليجية مرتبطة بشخص ترامب أو رغبته في حلها أو قوته في الضغط لحلها، على الأقل في الجانب القطري، لا يملك ترامب أي ورقة ضغط، الورقة الوحيدة التي يملكها ترامب تكمن في إجبار ابن سلمان على الاعتذار وحل الأزمة من طرفه مع الجزيرة البحرينية التابعة له، قد تدخل الإمارات في ذلك وقد تقف وحيدة. لكن أيضا يجب أن نعلم جيداً أن الأزمة الخليجية لم تشتعل بسبب ترامب، ولم تحدث للمرة الأولى عندما جاء للحكم، بل هي نتاج حقد دفين يملأ قلوب النظام في السعودية والإمارات منذ أمد بعيد وسيبقى ما بقي الأشخاص يسيطرون على النظام، وهي أطماع حقيقية أثبتتها كل الوقائع والأدلة على مر التاريخ وخاصة من الجانب السعودي والرغبة الدائمة في السيطرة على دولة قطر. يعود السؤال الأهم، من سيحل الأزمة الخليجية إذاً ؟ وكيف سيكون الحل ؟  الجواب على السؤال الأول سهل جداً، من بدأ الأزمة عليه أن يحلها، أكان ذلك بالوساطة الكويتية أو بالضغط الأمريكي أو أي أزمات داخلية قد تدفعه للهرولة للقيادة القطرية وطلب الصفح والمغفرة والعون بعد الاعتذار، كما حدث سابقاً مع الإمارات عندما جاء ابن زايد لطلب وساطة قطر للحصول على الغفران التركي في تدخله في الانقلاب الشهير. لكن الجواب الثاني هو المعقد، وهو الذي يجب أن ننظر له من زاوية أكثر بعداً وعمقاً في نفس الوقت، فالحل هنا يعتمد على التوقيت فقط، أي أن طريقة الحل وشكله ستعتمد على توقيت الحل والظروف المحيطة به، وأقصد بذلك أن هناك ظروفا كثيرة قد تؤثر على الحل منها مثلاً: # هل سيكون ترامب رئيساً للولايات المتحدة في وقت الحل، وإن لم يكن كيف سيكون موقف الرئيس البديل من كل دولة ومن الأزمة بشكل عام ؟ # هل سيكون محمد بن سلمان ملكاً على المملكة العربية السعودية ويكون مالكا لزمام أمرها بشكل كامل،  أم سيكون  خائفا        كما هو حالياً من أبناء عمومته يعيش تحت الحراسة المشددة ليلاً ونهاراً ؟ # سؤال آخر عن السعودية، هل سيكون هناك ملك جديد غير سلمان وابنه وقت الحل ؟ # هل سيكون محمد بن زايد رئيساً للإمارات وقت الحل، وهل ستكون الإمارات دولة واحدة موحدة وقت الحل ؟ # كيف ستكون أسعار النفط والأزمات والظروف الاقتصادية لكل دولة وقت الحل ؟ # هل يمكن أن يثور أي شعب من دول الحصار على نظامه وتحدث أزمة خليجية أخرى غير متوقعة ؟ # كيف سيكون وضع التحالفات والخلافات في المنطقة وقت الحل ؟ هذه بعض الأسئلة سيبنى عليها الحل، وبناء على ما تقدمه وتوفره لكل طرف من قوة فإن مكاسبه ستكون أكبر. الحقيقة المؤسفة التي يجب أن نتعايش معها، أننا نعيش تطرفاً شعبوياً خليجياً يتنامى ويزداد وسيعيد تشكيل دول الخليج خلال العقود الثلاثة القادمة، والحل المتأخر لهذه الأزمة سيكون سياسياً فقط، فلا أمان لدول الحصار، حتى بعد الحل.