31 أكتوبر 2025
تسجيلالقيم والأخلاق من عناصر الثقافة اللامادية ، والقيم جزء هام من الثقافة ، وهي ثابتة وفقا للفلسفة المثالية . ولكل مجتمع قيمه الخاصة به، والتي تختلف من مجتمع إلى آخر وفقا للثقافة السائدة في المجتمع . فقيم المجتمع العربي تختلف مثلا عن قيم المجتمع الأمريكي أو المجتمع الأوربي وهكذا ، والمحافظة على القيم أمر مطلوب، بل ضروري، وهو أمر لا يتنافى مع التطور ، وإنما هو تذكير بالثوابت التى تدين بها وتنطلق على أساسها ، وهي لا تمنع الانطلاق والتطور ولكنها تحرص من الانفلات الذي يقضي على ماضينا وقيمنا ويفتح الباب للظلام والضياع ، فتطورنا ينبغي أن يكون مع المحافظة على هذه الثوابت . والعولمة الثقافية الحادثة اليوم ، لها أثر كبير في قيم المجتمع العربى وأخلاقه وعاداته ، إذ إنها تحمل فى طياتها قيما غربية ومبادئ غربية عن المجتمع العربى ، ولا تمت إليه بأية صلة . وهذه القيم الدخيلة على مجتمعنا تأتي إلينا مغلفة ومعلبة فنحن لا نستطيع صدها مباشرة ، لأننا محتاجون إلى هذه الثقافة لنأخذ منها ما يفيدنا وينفع مجتمعنا . فنحن لا نستطيع أن نستغني عن الكمبيوتر ، ولا عن الإنترنت ولا عن الأجهزة الحديثة كلها . وهذه القيم الغريبة عن المجتمع العربي تدخل إلينا بطريق غير مباشر عن طريق الأجهزة الحديثة كالإنترنت والكمبيوتر والدش وما إلى ذلك . وفي هذا أثر سلبى على قيم وأخلاق المجتمع العربي والتي يجب الحفاظ عليها وحمايتها من أى خطر وهجوم يريد بها سوءا .إن لكل مجتمع قيمه الخاصة به ، ومبادئه وعاداته التى تختلف عن باقى المجتمعات، ولابد من إعطاء اهتمام زائد للقيم الإنسانية إذا أردنا بناء مجتمع جديد يتواءم ويتمشى مع هذا العصر . عصر الانفجار المعرفي وعصر الإنترنت والكمبيوتر .والدول المعولِمة – بكسر اللام – تحاول الآن فرض قيمها وأخلاقها على جميع دول العالم ، ومنها الدول العربية ، وهذا فيه الخطر الداهم على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا ، حيث إن قيم هذه الدول لا تتفق لا مع الثقافة العربية ولا مع الدين الإسلامي الذي يفرض علينا قيما أصيلة فيها خوف من الله وحماية للناس أجمعين . واختصار ذلك هو أن العولمة الثقافية لها أثر كبير على قيم ومبادئ المجتمع العربي ، ويجب علينا في التصدى لهذه العولمة بكافة السبل ونقصد بالتصدي هنا مواجهة سلبياتها فقط ، فالعولمة ليست كلها خطرا، لكن فيها بعض الإيجابيات ، ولها أيضا بعض السلبيات التي يجب التصدى لها ومواجهتها ، حتى نحافظ على ثقافتنا ولغتنا وقيمنا . ونحن ننادي بالعودة إلى تراث الأمة وثوابتها الثقافية القائمة على القيم والأخلاق والمبادئ الأصيلة المشتقة من كتاب الله – عز وجل – ومن السنة الصحيحة . أثر العولمة في الثقافة المادية :من الأمور الواضحة والجلية فى العصر الحالى أثر العولمة الثقافية في الشق المادى من الثقافة فى مجتمعنا العربى والذي يتعلق بالملبس والمأكل والمشرب والمسكن وغير ذلك من عناصر الثقافة المادية التي تأثرت فى مجتمعنا بالغرب وبالنظام الغربي .فبالنسبة للملبس هناك مظاهر اللباس التي تحيط بنا والتي تدفع بشبابنا وشاباتنا للباس الغربى من ملابس فاضحة وقبعات وأحذية وما إليها . فالشباب يقلد النظام الغربى في أزيائه ، وكذلك الفتيات يقلدن النظام الغربي تقليدا أعمى دون مراعاة لقيمنا وتقاليدنا ، فلا فرق بين الذكر والأنثى وهذا ما هو سائد فى الغرب.وبالنسبة للمأكل نجد أن نظام المأكل أيضا متأثر تأثيرا كبيرا بالنظام الغربى فنجد أنواعا من المأكولات دخيلة على مجتمعنا مثل الهامبرجر والكنتاكي وغير ذلك من الأطعمة السائدة في الدول الأوربية والتي نستوردها ونشجعها تاركين الأطعمة المحلية . وما يقال عن المأكل يقال أيضا عن أنواع المشروبات الدخيلة علينا والتي تعتبر من مظاهر العولمة الثقافية على الشق المادى من الثقافة . بذلك نكون قد وضحنا أثر العولمة الثقافية على الثقافة العربية ، بشقيها المادي واللامادي وتم توضيح ذلك فى أثر العولمة الثقافية على التنشئة الاجتماعية – واللغة العربية – وقيم وعادات المجتمع العربي وكذلك المأكل والملبس والمشرب وفيما يلي عرض لوقف العرب من العولمة الثقافية .موقف العرب من ظاهرة العولمة الثقافية : إن العولمة الثقافية أصبحت جلية وواضحة تماما في مجتمعنا العربي ، وأصبحت تحاصر الناس في كل مكان عن يمينهم وعن شمالهم ومن أمامهم ومن خلفهم ، ويتمثل ذلك – كما قلنا سابقا – في انتشار القيم الغربية والدخيلة علينا ، وانتشار المأكولات والمشروبات الغربية وكذلك المسكن والملبس الغربي – المصدر الأول والأساسى للعولمة-وهذا النمط الغربى الذى أوشك أن يهيمن على العالم عامة والمجتمع العربي خاصة له آثار سيئة سلبية على الثقافة فى أى مجتمع ، وقد أوضحنا أثر العولمة الثقافية – كبعد من أبعاد العولمة – على الثقافة العربية ، وعرفنا أن العولمة لها أثر سلبي على اللغة العربية ، ولها أثر سلبي أيضا على التنشئة الاجتماعية والسلوك الاجتماعي ، كذلك على قيم وعادات المجتمع العربى ونظام المأكل والمشرب والملبس السائد فيه .ولذلك ، وللأخطار التي قد تسببها العولمة الثقافية بالنسبة للثقافة العربية كان لزاما علينا نحن العرب أن يكون لنا موقف تجاه ظاهرة العولمة الثقافية حتى نستطيع التصدي لها ومواجهتها ونستطيع حماية ثقافتنا العربية ولغتنا القومية ، ونحافظ أيضا على عاداتنا الخالدة وقيمنا وتقاليدنا ونظام المعيشة الذى نشأنا عليه .وبالنسبة لموقف العرب من ظاهرة العولمة الثقافية لابد وأن يكون موقف متسما بالموضوعية ، بعيدا عن التحيز والأهواء الذاتية . فنحن العرب لا نرفض العولمة كلية ، بل لا نستطيع أن نرفضها ، لأن العولمة لا فكاك منها حثى ثورة المعلومات والتقدم العلمى والتكنولوجى والكمبيوتر وشبكة الاتصالات الدولية أو ما يسمى بالإنترنت . ونحن فى حاجة ماسة إلى كل ذلك ، لأن العصر الراهن الذي نعيش فيه يتطلب منا التعامل مع هذه الأجهزة الحديثة ، وذلك لاختصار الوقت وتقريب المكان والزمان .فالعولمة لا يجدي معها أسلوب الرفض التام ، كذلك القبول التام والأعمى فيه خطر – كما أوضحنا ذلك سابقا – على هويتنا وعلى ثقافتنا ، فظاهرة العولمة ظاهرة يجب علينا أن نواجهها بكل ما نملك من أسلحة ثقافية وفكرية مع مراعاة الاستفادة من أدواتها وآلياتها مثل الكمبيوتر والإنترنت ووسائل التقدم العلمى والتكنولوجى .إن الإعلام له دور كبير فى مواجهة تحديات العولمة الثقافية ، حيث يجب علينا أن نكون ثورة إعلامية تعمل على تحقيق مصالح ثقافية وفكرية مشتركة بحيث يقوم منهج هذه الثورة الإعلامية على التبادلية التفاعلية ، بحيث تخلع رداء الإقليمية ونرتدى وشاح القومية .ولذا فإن على العرب أن يعملوا على حماية الثقافة العربية في ظل العولمة، وذلك بأن يقووا على النهوض من التراب وأن يعملوا على تنمية الثقافة وذلك بالعودة إلى التراث الثقافي فيعملوا على تجديده وإحيائه ، وكذلك بالتفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى تجنبا للانغلاق والتحجر .وبذلك يمكن أن تكون العولمة نعمة لنا فى هذه الحالة ، وذلك إذا اغتنما هذه الفرصة المتاحة لنا ألا وهي فرصة العولمة . فيمكن لنا أن نستفيد من احتكاكنا بالثقافات الأخرى ، بأن نأخذ منها ما نحتاج إليه ، لتنمية ثقافتنا ومواكبة عصر التقدم التكنولوجي ، ونترك ما يضرنا ويضر ثقافتنا وقيمنا وأخلاقنا الأصلية .ويجب علينا أن نسعى إلى خلق شبكة للتبادل العلمي والثقافي ما بين البلدان العربية بأفرادها ومؤسساتها وتشجيع المشروعات التحتية بين المفكرين والعربفإذا فعلنا لك استطعنا خلق مفاهيم عربية للبنية الثقافية واستطعنا توحيد الفكر العربى ، وبذلك لا تستطيع العولمة تحقيق مآربها التى تصبو إليها .ويرى أهل العلم المعنيون أن مواجهة تحديات العولمة ومشاريعها تستلزم العمل على أربعة مسارات متكاملة هى :1- إعادة بناء نظام عربى سياسي وأمني على قواعد التضامن بديلا عن واقع التناحر والتفكك السائد حاليا .2- تحقيق تكامل اقتصادي عربي تكون السوق العربية المشتركة منطلقة ، وتكون غايته تحقيق تنمية عربية مستقلة .3- مواجهة الغزو الثقافي والإعلامي لقوى العولمة ، مؤسسة على ثوابت الهوية العربية 4- إطلاق حرية قوى الشعب العربى وتكريس حقه في المشاركة فى العمل الوطني والقومي على قاعدة الشورى.