13 سبتمبر 2025

تسجيل

التصنيع في الوطن العربي الواقع والمأمول

28 أغسطس 2013

صنع في ... كلمة كثيرا ما تثير انتباه المستهلك حتى ولو كان هو المصنع للمنتج الذي يعتزم اقتناءه أو العامل في ذاك المعمل الذي أنتج تلك البضاعة والذي نحن بأمس الحاجة له اليوم في الوطن العربي هو العمل علي جعل المنتجات العربية تحتل مكانة رائدة في نفس المواطن العربي الذي يمتلك سوقا ذات كثافة سكانية مميزة ولن يتسنى ذلك بدوره حتى ننجح في تذليل العقبات التي تقف حجر عثرة في وجه الارتقاء بالصناعة إلى الشكل المطلوب بدأ بتغيير رؤية و ثقافة المؤسسات في الإنفاق و عدم البخل في جميع النواحي التي تتعلق بالصناعة كالدعم الفني و الاستثمار البشري و تكوين شراكات فنية و التدريب و الأبحاث فبحسب العديد من التقارير الاقتصادية فقد استثمرت المنطقة العربية نحو ألفي مليار دولار أمريكي في إجمالي تشكيل رأس المال الثابت (G.F.C.F) خلال السنوات الخمس عشرة الماضية ، في ظل النمو الاقتصادي للفرد فيها خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين تراوح بين الصفر والسلبي .. ولعل من الواضح أن ما يكمن في أساس تسجيل الصفر في نمو إجمالي الناتج الوطني بالنسبة للفرد هو تطبيق طريقة تسلم المشاريع جاهزة ومكتملة "Turn-key" من الشركات الأجنبية صاحبة الالتزام ، دون التعرف على التكنولوجيا المستخدمة في هذه المشاريع . ولم تتطرق هذه المنظمات أو غيرها من المنظمات الوطنية أو الإقليمية إلى دراسة الظاهرة الاقتصادية العربية مرورا بتخلي الدول عن سياسات التبعية التكنولوجية في وقت كانت تزيد فيه من عدد القوة العاملة المهنية فيها ، وكانت النتيجة الصافية لذلك انخفاض عائدات الاستثمار وإنتاج العمالة وازدياد كلفة البرامج فلقد أدرك آدم سميث أن الثورة الصناعية ستؤدي إلى فك الارتباط التدريجي للاقتصاد مع المادة .. لقد أدرك أن المهارات البشرية والإبداع كانت في عام 1800 أكثر أهمية من المواد الخام ، وأن هذه الحقيقة وحدها ستخفض تدريجياً أهمية المواد الخام والعمالة غير الماهرة في الاقتصاد . وتصارعت عملية فك الارتباط مع المادة كثيراً خلال القرن العشرين ، وكادت تكون مكتملة اليوم ، وإجمالي الناتج الوطني العام في البلدان الصناعية الرئيسية مرتكزة على "العلم" . وعلى العكس من ذلك فإن اقتصاديات البلدان العربية لا تزال مرتكزة كلياً على تصدير المواد الخام ، ولا تشكل المنتجات المعتمدة على المهارة والقيمة المضافة سوى نسبة صغيرة من إجمالي الناتج القومي العربي ..وانتهاء بالتنسيق بين الأنظمة التعليمية وسوق العمالة الذي لم يتلق سوى اهتمام تحليلي محدود ، وليس هناك من تناسب بين العرض والطلب ، سواء في الميدان أو في وضع مناهج الدراسة وإحدى وظائف منظومة التعليم والبحث والتطوير والسياسة الاقتصادية وسوق العمل ، وساهم عدم التلاؤم بين هذه الوظائف المهمة المختلفة في إنتاجية عمل متدنية وإنتاج اقتصادي منخفض وانتشار البطالة وهجرة الأدمغة على مدى واسع . فالوطن العربي يعد أكبر مصدر في العالم للنفط والفوسفات ، وهو منتج رئيسي للأسمنت والمنسوجات ، وهكذا فهو يوفر سوقاً داخلية واسعة لسلسلة كبيرة من الخدمات الفنية والمنتجات والتجهيزات لمد هذه الصناعات بأسباب الحياة ، إلا أن التوظيف المرتبط بهذه الصناعات يجري تصديره للخارج نتيجة للسياسات التقنية العربية ، وهكذا فلا يستخلص سوى منفعة قليلة من استثمارات عربية ضخمة في هذا القطاع ، وقد يزيد مجموع التوظيف الأجنبي في الخدمات الهندسية لدعم الاستثمار العربي على مليوني مهندس وفني ، وهذه الأرقام لا تمثل عدد العمال العاملين في الموقع لبناء مثل هذه المشاريع وهناك في قطاع النفط والغاز العربي وحده خسارة في توظيف مليون مهندس وفني مستخدمين في هذا القطاع من خارج الوطن العربي ، ويمكن لتبني سياسات تكنولوجية ملائمة أن يُحدث إنتاجاً محلياً لمجموعة واسعة من الخدمات التقنية والمنتجات المطلوبة.