11 سبتمبر 2025

تسجيل

السياحة في العالم الإسلامي.. عوامل الجذب وأفق الطلب

28 مايو 2014

تحظى السياحة بمكانة مهمة ضمن قطاع الخدمات في عدد كبير من الدول، ومنها الدول الإسلامية، كما يدل على ذلك نسبة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، وما تدره من عملات أجنبية وتولده من فرص عمل ذات مردودية وإذا كانت المتغيرات التي طرأت على الساحة العالمية سواء المتعلق منها بالأزمة المالية العالمية أو التحول الظاهر في رأس المال وفي تشكل خارطة اقتصادية عالمية جديدة ركائزها أقطاب تجاور للعالم الإسلامي ستسهم بشكل أو بآخر في نيل العالم الإسلامي جزءا من تلك المكاسب، فالرخاء الذي تشهده معظم دول القارة الآسيوية ومنها دول إسلامية والسمعة التي تكنها تلك الدول للعام الإسلامي بتوظيفها قد نتمكن من التفاؤل بغد أكثر إشراقا، ليس فقط في مجالات السياحة التي هي إحدى بوابات الاستثمار بكل أشكاله بل قد نتعدى ذلك إلى مجالات أكثر تعمقا حسب المفاهيم الجديدة للسياحة والمتمثلة في السياحة الدينية والعلاجية وسياحة الاستجمام والسياحة الرياضية، والثقافية والفنية، وسياحة المؤتمرات والمهرجانات. مما جعل هذا القطاع قادرا على استيعاب 279 مليون فرصة عمل حول العالم بحلول عام 2018 وقد يحقق عوائد تفوق 15 تريليون دولار في وقت تصل حجم العوائد فيه حالياً إلى 8 تريليونات دولار، تقدر حصة الوطن العربي منها بحوالي 750 ألف وظيفة حاليا وأزيد من مليوني وظيفة خلال العشرة أعوام المقبلة، ساهم في تراجعها وتباطؤها الأحداث المؤلمة التي عرفتها بعض الدول العربية ومع ذلك بمقدور الدول العربية الرفع منها في المستقبل فإكراهات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وكون السياحة أصبحت جزءا من ثقافة السائح الغربي في وقت لم يكن بمقدوره دفع ما يترتب عليها في الغرب وبحثه عن خيارات بديلة قد يجعل العالم الإسلامي الوجهة المفضلة لديه، نظرا لما يشمله من عوامل الجذب للسياح لا تتوفر لأماكن عديدة في العالم. فهل يعني ذلك أن المتغيرات الجديدة ستفتح أعين السائح العربي والإسلامي الذي يركض إلى الغرب تاركا خلفه كتلة سياحية رئيسية مرشحة لتكون مركز الجذب الأول على خريطة السياحة العالمية، حتى أن الكثيرين يعتبرونها متحفا حيا لم يستغل بعد.. وأرضا بكرا.. لم يكتشف بعد مخزونها الحقيقي من إرث تاريخي وثقافي وفلكلوري وخصائص الروعة والجمال والمناظر السحرية الخلابة والبديعة والآثار التاريخية التي يمتد عمرها إلى عشرات القرون من جهة وهل ستنتهز الشعوب العربية والإسلامية بالمقابل فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي الربط بين عناصر الجذب السياحي في كل دولة والخدمات السياحية المقدمة، والعمل على تطوير عناصر الجذب السياحي الحالية واكتشاف عناصر جذب سياحية جديدة في الدول الإسلامية، وبصفة خاصة في الدول ذات الإنفاق الاستثماري الكبير على الخدمات السياحية مثل الفنادق، والمطاعم السياحية وغيرها. فرغم التشابه الكبير للهياكل الإنتاجية للدول الإسلامية، إلا أن الموارد والأنشطة السياحية هي من أوضح الأمثلة على التنوع الكبير في الموارد الإنتاجية والطاقات والإمكانات المتوافرة للعالم الإسلامي. فالاتساع الجغرافي الكبير للأمة الإسلامية جعلها تغطي جزءاً مهماً وحيوياً من المعمورة، وتضم موارد سياحية ثقافية وطبيعية متنوعة في إطار توحد القيم الإسلامية الرئيسية. ومع اعتماد عدد كبير من الدول الإسلامية على السياحة كمصدر مهم وأساسي للصرف الأجنبي. وبالنظر إلى إنفاق السياح في الدول الإسلامية خلال عام 2003م يلحظ أن هناك دولاً حققت مستويات مرتفعة للإنفاق السياحي بالمقارنة بغيرها من الدول الإسلامية، مثل: تركيا، وماليزيا، ومصر، والسعودية، حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (13203) ملايين دولار، (6799) مليون دولار، (4704) ملايين دولار و(3418) مليون دولار على الترتيب. هناك دول حققت مستويات ضئيلة نسبياً مثل: ألبانيا، وكازاخستان، والبحرين؛ حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (537) مليون دولار، (638) مليون دولار، و(985) مليون دولار على الترتيب، كذلك كان هناك دول قل فيها الإنفاق السياحي عن (500) مليون دولار. ويستشف من ذلك وجود تفاوت كبير في الإنفاق السياحي في الدول الإسلامية، حيث يعتمد ذلك على توافر الإمكانات السياحية في هذه الدول وحسن استغلالها للأغراض السياحية. وإذا فرضنا أن العوامل الجديدة تعتبر عوامل إيجابية بالنسبة للعالم الإسلامي والتنوع الذي طرأ على الخدمات السياحية موجه لكل الفئات والأعمار وأن فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي تعزيز وتنويع فرص التعاون بينها. فهل يكون هناك تعاون واضح بين الدول الإسلامية للارتقاء بأداء القطاع السياحي، بما ينعكس إيجابياً على مردودها الاقتصادي من ناحية، وزيادة أواصر التعاون الاقتصادي الشامل بين الدول الإسلامية من ناحية أخرى؟