16 سبتمبر 2025

تسجيل

إرهاق الذات بالانشغال بالناس!

28 يوليو 2022

العين مرآة النفس، ومرآة صاحبها، ومرآة الروح وانعكاس نقي لعمق الروح، في المقابل هل أصحاب الأنفس المريضة بأمراض الخبث والحقد والحسد والأنانية - والعياذ بالله من هذه الأمراض -؟ هل تتطاير من أعينهم شرار ينم عن خبث أو أنانية أو حقد أو حسد؟! إن كان ذلك ظاهرا ويقاس ويدرك ليت البشرية تدرك ذلك لتتخذ الحيطة والحذر من أولئك الذين يتربصون بها في كل الأوقات لمحاولة تعتيم لبريق الأمل والسعادة التي يشعر بها الاخرون. * وإن كانت من أعين مريضة ولا يهنأ لها بال وراحة، ولا تنام هذه العين قريرة إلا بزوال النعمة عمن وهبهم العلي القدير من مال وصحة وجمال ونجاح وحتى محبة في قلوب العباد، إنها عين الحسود، قال تعالى: «ومن شر حاسد إذا حسد»، وقول الرسول: «إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب». * هذا الصنف المريض الذي لا شغل له إلا مراقبة من حوله وكأن الله خلقه وحرم عليه نعم الحياة، ألا يعلم أولئك، أن أرزاقهم وأعمارهم وأعمالهم، وسعادتهم وشقاءهم مكتوب لهم منذ أن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم قال صلى الله عليه وسلم في الحديث: «إذا مكثت النطفة في رحم المرأة أربعين ليلة جاءها الملك فاختلجها ثم عرج بها إلى الرحمن» فيقول: أخلق يا أحسن الخالقين، فيقضي الله فيها ما يشاء من أمره، ثم تدفع إلى الملك فيقول: أسقط أم تمام، فيبين له، فيقول: يا رب واحد أم توأمين؟، فيبين له، فيقول: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب أشقي أم سعيد، فيبين له، ثم يقول: يا رب أقطع له من رزقه مع أجله فيهبط بها جميعا، فوالذي نفسي بيده لا ينال من الدنيا إلا ما قسم له». * ألا يستطيع أولئك أن ينظروا لأنفسهم وما لديهم من مزايا، وخصال ومحاولة الارتقاء بها، والتفوق في المجال الذي يرغبون. * ألا يعلم أولئك أن الله كما يعطي يأخذ، وكما يأخذ يعطي؟ وأنه لا يوجد إنسان ليس لديه من المزايا ما تؤهله لأن يكون من أصحاب المهارات والقدرات، بما أعطاه الله من عقل سليم، يفرق به بين ما هو صواب وبين ما هو خطأ؟ لينظر اولئك لأنفسهم وينشغلوا بها، فهي أحق بالاهتمام والتفكير والتطوير للأفضل وليتركوا غيرهم من الخلق للخالق. * آخر جرة قلم: قيل لفيلسوف: من أكثر الناس شرا؟ فقال: من امتطى قافلة الحسد، وقد صدق الشاعر حين قال: كل العداوة قـد ترجى أمانتها إلا عداوة من عاداك من حسد ومن الجميل خلقا ونفسا أن يجاهد الإنسان نفسه وهواها بأن يظهر المحبة للغير ومباركة ما لديهم من نعم ومزايا، فهذا الجهاد النفسي من أعلى المراتب التي تربي النفس على ما ابتليت به متى ما كانت خصال غير حميدة وتزعج صاحبها، تعويد النفس وتدريبها على الخلق الحسن والصفات المحمودة يعود بأثره على صاحبه ومن معه وليبدأ الإنسان بتغيير أعماقه المظلمة بسواد يعميها عن رؤيتها ذاتها ويبعدها بالانشغال والالتفات وارهاق الذات بالانشغال بالناس. @salwaalmulla