03 أكتوبر 2025
تسجيلالمثقف في نظري هو صيغة لا تكتمل (صيرورة) ثقافية.. ليس كما يتصور البعض صورة مكتملة معروضة في "فاترينا" لأنه مرتبط بمفهوم الإبداع.. ماهو الإبداع؟ في اعتقادي الإبداع: هو القدرة على إقامة علاقات متجددة دائماً من الأشياء. الثقافة في مجتمعاتنا أصلاً في أزمة (ثقافة للسلطة) وثقافة المجتمع. العلاقة بينهما مشدودة بقوة باتجاه ثقافة السلطة لمحاكاتها أو التمثل بها. جزء من الثقافة السائدة أو انعكاس لها، وهي ثقافة نسقية محددة مسبقاً في إطارها السياسي والاجتماعي، فبالتالي نحن نتكلم عن «مثقف نسقي» ضمن الوضع القائم. مع اعتقادي أن المثقف هو بالضرورة مبدع، إلا أنه في ظل هذه الثقافة ينفصل الإبداع، لأن الإبداع رؤية وابتكار وقدرة عالية على التخيل، كذلك التعليم لم يتحول إلى قيمة بعد في مجتمعاتنا. انعكس الريع عليه فتحولت الشهادات العلمية لتعزيز المكانة الاجتماعية، فأصبحنا أمام ريع ثقافي وانصهرت الشهادة العلمية داخل العمل الإداري والحكومي القائم فأنتجت لنا ظاهرة «الفداوي المعاصر» يتبع الريع ومن يملكه بعيداً عن قناعاته. لذلك تنافس المهنة الريعية الوظيفة الإنتاجية، بحيث يصبح المنافسة بين «المهندس» و«مضمر» الإبل وهو الشخص الذي يعدها للسباق لصالح هذا الأخير. أعتقد أن الإبداع الوحيد الذي يمكن أن يقدمه المثقف في مثل هذه البيئة الإدارية هو العلاقة الإنسانية المميزة، لأن مجال الإبداع العملي ضيق جداً بمعنى أن يكون إنساناً في تعامله مع الناس بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، أياً كان شكلها اجتماعية كانت أم اقتصادية. ثقافة الريع هادمة للثقافة إلا ثقافتها، مما يجعل الحراك الاجتماعي لا يقوم لا على العلم ولا على الثقافة، وإنما على من يكون داخل تخوم المربع وتأثيره. كانت الثقافة السائدة قديماً تضع طبقة عليا في المجتمع تترك الوظائف لأفراد المجتمع، إلا أن هذا تغير اليوم ووضع «سلم أفضليات» جديد عند التقدم للوظيفة. خلق كل هذا علاقات رأسية على حساب العلاقات الأفقية التي تدل على توازنه في حين أن العلاقات العمودية تدل على توتره ويعاني من قوة جذب مغنطيسية لا يستطيع معها انفكاكا. فالاقتصاد الريعي السريع الكسب والذي يتطلب أساليب معينة وثقافة خاصة لا علاقة لها بالثقافة كمفهوم إنساني أبعد المجتمعات عن الاهتمام بها وحولها إلى «ترف»، فلا حاجة للمجتمعات به، فلذلك تخلو قاعات المحاضرات والندوات من المواطنين إلا ما ندر. [email protected]