07 أكتوبر 2025

تسجيل

التأنّي مطلوب يا وزارة التعليم

28 يوليو 2020

هنالك جدل كبير يدور في العديد من بلدان العالم حول إعادة فتح المدارس وخاصة مع عدم زوال جائحة كورونا والحديث عن احتمال أن تكون هناك موجات أخرى للفيروس خلال الفترة القادمة. وهذا الأمر بلا شك قد يكون مصدر قلق لأولياء الأمور الذين يبدون مخاوفهم مع بداية العام الدراسي الجديد القادم مستذكرين ما حدث في عامهم الماضي، واستدراك القائمين على الأجهزة التعليمية في بلدانهم بإيقاف الدراسة لمنع تفشي هذا الوباء بين طلبة المدارس والجامعات والكليات وحضانات الأطفال ودور الرعاية. وذو صلة بالموضوع؛ تُفيد إحدى الدراسات الجديدة التي أجريت في كوريا الجنوبية أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات ينقلون فيروس كورونا إلى الأشخاص الآخرين بشكل أقل من البالغين، ولكن الخطر الناجم من هذا النقل ليس معدوماً، بينما يمكن لأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 19 عاماً نشر الفيروس على الأقل كما يفعل البالغون أو حتى أكثر منهم. وحذّر العديد من الخبراء من أن النتائج تشير إلى أنه مع إعادة فتح المدارس، سترى المجتمعات المحلية مجموعات متزايدة من انتشار عدوى فيروس كورونا، التي قد تشمل الأطفال من جميع الأعمار. ويقول مايكل أوسترهولم خبير الأمراض في جامعة مينيسوتا: أخشى أن يكون هناك شعور بأن الأطفال لن يُصابوا بالعدوى أو لا يُصابون بنفس الطريقة التي يُصاب بها البالغون، مضيفاً أنه سيكون هناك انتقال للفيروس، وما علينا فعله هو قبول ذلك الآن وإدراجه في خططنا. وامتدح خبراء مختصون الدراسة الكورية في حجم التحليل ودقته، حيث إن الباحثين الكوريين كانوا قد حددوا عدد 5706 أشخاص أبلغوا عن أعراض فيروس كورونا حين كانوا في منازلهم في الفترة ما بين 20 يناير و 27 مارس، وكان وقتها قد تم إغلاق المدارس، ثم تتبعوا 59073 جهة اتصال لهذه الحالات، واختبروا جميع جهات الاتصال بغض النظر عن ظهور الأعراض أو عدم ظهورها، ووجد الباحثون أن أول شخص في الأسرة يعاني من الأعراض ليس بالضرورة أول شخص مصاب، كما أن الأطفال الأقل عرضة للإصابة خاصة فيما يتعلق بظهور الأعراض عليهم من البالغين، لذلك ربما تكون الدراسة قلّلت من عدد الأطفال الذين ساهموا في سلسلة انتقال العدوى داخل أسرهم. وقد حذّر مؤلفو الدراسة أن عدد الإصابات الجديدة التي يتسبب بها الأطفال قد يرتفع مع إعادة فتح المدارس، وشدّدوا على أنه " قد يُظهر الأطفال الصغار معدلات نقل أعلى للفيروس عندما ينتهي إغلاق المدارس، ما يساهم في انتقال الفيروس بشكل أكبر داخل المجتمع ". وتقول نتائج الدراسة إن الوضع مقلق أكثر لطلاب المراحل الإعدادية والثانوية، ووجدت الدراسة أن هذه المجموعات كانت أكثر عرضة لنقل عدوى الفيروس من البالغين، لكن بعض الخبراء قالوا إن هذا الاكتشاف قد يكون مجرد صدفة أو قد ينجم عن سلوكيات الأطفال. وعلى الرغم من أن هذه الدراسة لا تقدم إجابات نهائية، فإنها تُشير إلى أنه يمكن للمدارس زيادة مستويات الفيروس داخل المجتمع. ويقول جيفري شامان عالم الأوبئة في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا في نيويورك " إن دمج الأطفال معاً في المدارس وخلطهم مع المعلمين والطلاب الآخرين سيوفر فرصاً إضافية للفيروس للانتقال من شخص لآخر". ونحن في قطر كانت لنا تجربة مع هذا الفيروس تسارعت معه الدولة وأجهزتها التعليمية للحد من خطر انتشاره عندما تفشى بشكل سريع في إحدى المدارس وقررت على إثره الدولة وبشكل فوري إيقاف الدراسة وتطبيق الدراسة عن بُعد حرصاً على سلامة وصحة الطلاب والطواقم التعليمية. ومع خطة الرفع التدريجي للقيود المفروضة جراء جائحة كورونا التي أعلنتها اللجنة العليا لإدارة الأزمات التي بدأت مرحلتها الأولى في الخامس عشر من يونيو الماضي وستبدأ مرحلتها الثالثة في الأول من أغسطس القادم ثم المرحلة الرابعة في الأول من سبتمبر القادم والذي ستبدأ معها المدارس في استقبال الطلاب، ووضعت وزارة التعليم والتعليم العالي خطتها التي تبدأ بحضور ما لا يزيد عن ثلث الطلاب في الأيام الثلاثة الأولى ثم تزيد بعدها حتى يصل لواقع 100% من نسبة الحضور والإشغال لجميع الطلاب في المدارس ورياض الأطفال. ومن وجهة نظري أرى بأن وزارة التعليم استعجلت في هذا القرار، لأنه أولاً وآخراً لم يراعِ ما قد يسببه هذا الاختلاط بين الطلاب سواء في بداية سبتمبر أو حتى ما بعد 20 سبتمبر في ضوء التقارير التي تؤكد بأن الفيروس لم ينحسر وبأنه قد يكون هناك موجات أخرى قادمة وتفشٍّ أكبر للوباء، فمن باب الحرص وسد الذرائع وما قد يشكله القرار من آثار قد تؤثر على صحة وسلامة الطلاب والطواقم التعليمية وإن كُنّا لا نشكك في حرص الدولة وأجهزتها التعليمية على ذلك، وعليه فما الذي يضير لو أننا على الأقل طبّقنا التعليم عن بُعد والذي أثبت نجاعته عند تطبيقه في الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، وعندها سنضمن سلامة الطلاب والكوادر التعليمية وتكون فترة الفصل الأول كفيلة بمتابعة ومراقبة الوضع خلاله، ومن ثم بحث إمكانية البدء بالدوام الفعلي بنسبة 100% في الفصل الثاني، فسلامة أبنائنا تحتم علينا التأنّي كثيراً عند اتخاذ مثل هذه القرارات المهمة والمتعلقة بصحتهم وسلامتهم. فاصلة أخيرة أيقنت تماماً بأن أي قضية يتناولها المجتمع فهي محل تعارض مع مصالح مشاهير " الفَلَسْ " !! [email protected]