06 أكتوبر 2025
تسجيليبدو أن ظاهرة الإسلاموفوبيا أطلّت برأسها من جديد ولكن هذه المرة بقوة وصرامة ؛ بعد أن تزعّم رؤساء دول ومسؤولون غربيون دعوتهم لمناهضة الإسلام ووصفه بالإرهاب، يتقدمهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا قبل أيام الفرنسيين للتصدي لما سماها " الانعزالية الإسلامية " زاعماً أنها تسعى لإقامة " نظام موازٍ " و " إنكار الجمهورية "، كما أعلن ماكرون عن تدابير عدة مثل إرغام أي جمعية تطلب مساعدة من الدولة التوقيع على ميثاق للعلمانية، وفرض قيود وتشديد على المدارس الخاصة الدينية والحد بشكل صارم من التعليم الدراسي المنزلي، ويطرح ماكرون مشروع قانون ضد " الانفصال الشعوري " بهدف مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية، وهو ما يعتبر استهدافاً مباشراً للجالية المسلمة على وجه الخصوص!. ولعل الحادثة الفردية الأخيرة التي أقدم عليها شاب شيشاني بقتله مدرساً فرنسياً عرض على طلابه رسوماً مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ستزيد من ظاهرة الإسلاموفوبيا وتحريض المجتمعات الغربية على كراهية المسلمين، رغم أن هذا التصرف فردي ولا يقبله مسلم عاقل يؤمن بتعاليم دينه الحنيف في كافة تعاملاته وصفاته، ولكن من يحملون على عاتقهم محاربة الإسلام وكراهيتهم له سيوظفون بلا شك مثل هذه الحوادث من أجل زيادة رقعة مؤيديهم بضرورة تقييد حريات الأديان وعلى رأسها الإسلام بحجة حماية أنظمتهم العلمانية والجمهورية. ورغم تشديد السلطات الفرنسية على منع التجمعات بسبب جائحة كورونا التي تفشت في موجتها الثانية وزاد عدد مصابيها في كافة المدن الفرنسية إلا أن السلطات الفرنسية سمحت للآلاف من المواطنين الفرنسيين للتنديد بمقتل المدرس الفرنسي ودعمهم لحرية التعبير، وقد تصدّر هذه المظاهرات محررو صحيفة " شارلي إيبدو " الساخرة التي تتبنى وتدعم نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. وعلى إثر تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا، فمن الطبيعي أن تتبعها إجراءات عنصرية وظالمة ضد ملايين المسلمين في أوروبا، وهو ما حدث للآلاف من اللاجئين عندما قررت فرنسا وبلجيكا وستتبعها دول أوروبية أخرى في اتخاذ قرارها بترحيلهم إلى بلدانهم دون مراعاة لظروفهم الإنسانية والتعامل معهم وفق رؤيتهم العنصرية المناهضة للإسلام. وكما قال المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة -رحمه الله- في كتابه " ظاهرة الإسلاموفوبيا.. الجذور التاريخية والنهايات المنتظرة " إنها بالفعل نزعة الكراهية للإسلام، والتخويف منه، انطلاقاً من تزييف حقائقه الكبرى وصورته الأصلية والأصيلة، وبأن حقيقة ظاهرة الإسلاموفوبيا هي " ظاهرة غربية "، نشأت ونمت وتعاظمت في إطار الحضارة الغربية، وليس في إطار أي حضارة أخرى من الحضارات الإنسانية، أي أنها قد عبّرت عن موقف الغرب الحضاري من الشرق الإسلامي إبان صراع الغرب لاحتواء الشرق والهيمنة عليه ونهب ثرواته وتحويله إلى تابع للمركزية الحضارية الغربية. انتهى كلامه. ولأن هذه الدول الغربية الحاقدة على الإسلام تملك البروباجاندا المهيمنة والمتغلغلة في الإعلام الغربي بكافة أشكاله وتتبعه وتدعمه دول عربية ومسلمة خانعة تتعاطف مع افتراءاتها وعدائها للإسلام، وتُخضعها لإجراءاتها المنتهكة لحقوق الملايين من المسلمين، فنجدهم أكثر الفئات عرضة لموجات الكراهية المقيتة التي تنسب تطرف الأفراد إلى الكل، بينما أنه عندما تحدث مجازر وجرائم في حق المسلمين ومرتكبها نصراني أو يهودي فإنهم يتهمونه بفقدان العقل وليست العنصرية التي لطالما ترجمه لنا تاريخهم معنا منذ فجر الإسلام امتداداً للحروب الصليبية والاستعمار وحتى تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا في وقتنا الحاضر. فاصلة أخيرة أجزم بأن وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد " فلتة زمانه " أسعد الناس بما يحدث من تفشي لظاهرة الإسلاموفوبيا، أليس هو من ناشد وقدّم النصيحة للأوروبيين بترحيل ملايين المسلمين من دولهم واصفاً لهم وصفته " العشرقية " بأن " عوقهم في بطنهم " وعليهم أن يتخلّصوا من هذا " العوق " بالطريقة التي يتوافق هو معهم فيها بالعنصرية والطرد ومصادرة الحقوق !. [email protected]