27 أكتوبر 2025

تسجيل

ماذا يحدث في الشرقاط؟

28 يوليو 2016

كتبت من أسابيع عن مدن عربية اشتهرت بعراقة تاريخها وتشهد في عصرنا الرديء حملة منظمة لطمس هويتها وتدميرها، بدأت بما يحصل في بابا عمرو بحمص السورية وبعدها بما يحصل في الفلوجة العراقية، واليوم أكتب عما يحصل في مدينة الشرقاط العراقية المنكوبة، وسيأتي الدور لاحقا على حلب والأنبار والرقة والموصل والبقية تأتي طالما يتواصل الزحف الحاقد على مدننا العظيمة دون رادع . مدينة الشرقاط هي إحدى أهم المدن التابعة لمحافظة صلاح الدين وحاضرة قلعة آشور التاريخية، شهدت حقبا كثيرة من الهيمنة الأجنبية لاحتلالات كثيرة واستعمارات متتالية على مر العصور، وما تتعرض له هذه المدينة العريقة يتطلب الوقوف صفا للحفاظ عليها، فلن تكتمل فرحتنا إلا بإنقاذ مجدنا وحضارتنا في مدننا العربية من براثن الظلاميين، ولن تكتمل فرحتنا إلا بتحقيق النصر وتحرير هذه المدينة العربية الصامدة .أنقل عن كاتب عراقي عن مدينته الشرقاط يقول "الشرقاط مدينة تغفو على كتفي نهر دجلة، كانت مركزا للحضارة الآشورية ومنها اشتق اسم المدينة، حكمها العديد من الملوك الآشوريين وآثارها الشاخصة إلى الآن دليل على عظمة هذا المكان، مرت بها أجيال متوارثة لهذه الأرض المعطاءة".الشرقاطيون الآن بين فكي كماشة، فمن جهة هم تحت سيطرة عصابات داعش الإرهابية التي أمعنت في إذلال وقتل وتجويع وتشريد، وبين حصار مطبق تنفذه القوات المسلحة العراقية، وحصارها كان جزءا من خطة تحرير قاعدة القيارة، التي عزلت الشرقاط عن الموصل بشكل نهائي.عند انطلاق الحملة العسكرية استبشر الناس بالتقدم السريع للقوات الأمنية العراقية مدعومة بغطاء التحالف الدولي جوا، ولكن استبشارهم انقلب إلى غم وحزن، فقد ازدادت معاناتهم أضعاف ماعانوه قبل تقدم القوات، بسبب نفاد المواد الغذائية من الأسواق، وإمعان عناصر التنظيم الإرهابي بإذلالهم وقتل أكبر عدد منهم، والقصف العشوائي في بعض المناطق والقرى المحاصرة، وكل الذي يلتفت من المدنيين إلى الوراء يقتله داعش، وإذا استمر في طريقه قتله العطش والجوع، في أودية الصحراء الممتدة غربا باتجاه الطريق الرابط بين بغداد والموصل، في أعتى موجة حر تمر بها البلاد.وبين كل هذه الإرهاصات والمشاكل والمعاناة التي حصدت أرواح المئات طيلة الشهور الماضية تأخرت عمليات التحرير، فقيادة عمليات صلاح الدين والقطعات التي معها لاتملك الإذن باقتحام الشرقاط، الذي أصبح على ما يبدو بيد ضيوف قاعدة القيارة الجدد. وبين الشد والجذب والترقب، والخوف، على مصير آلاف المدنيين، أطلق عدد من الناشطين المدنيين، حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بتحرير الشرقاط، وتخليص أهلها، وقد نشر هؤلاء عشرات الهاشتاقات مدعومة بالصور المحزنة، لأطفال ونساء، ماتوا عطشا وجوعا، وصورا لمخلفات الدمار الذي لحق بالشرقاط .يا مسلمين أهل الشرقاط من أوائل من التحق وقاتل في تحرير صلاح الدين منذ انطلاق أول عملية للتحرير، وأعطوا تضحيات جساما من أجله ومن أجل العراق عامة، وسجلوا مواقف لاتنكر ولاتنسى ضد داعش، رافضين كل شكل من أشكال الظلم والإجرام تمارسه هذه العصابات الإجرامية بحق الأبرياء .أنقذوا أطفال ونساء الشرقاط من لهيب القيظ والحروب والموت المجاني في أودية وصحاري الموت التي يسودها الرعب اليومي ويأخذ أهلها إلى المصير المجهول. وسلامتكم