11 سبتمبر 2025

تسجيل

الشّباب..

28 يونيو 2024

قال تعالى: (يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تخونُوا اللهَ والرّسولَ وتخونُوا أماناتِكُم وأنتم تَعلمونَ) الأنفال 27.. الشبابُ أمانة وإن من تضييع الأمانة أن نُرخي قبضتنا عن مسؤوليتنا تجاههم فيتلقّفهم من يريدون منهم أن يُبدّلوا محامد الوحي وعذوبته وثباته المطلق باللّهاث خلف النسبية في كلّ شيء، حتى تتشوّه معالمُ الإيمان فلا يبقى تعظيم لمرجعية الوحي في نفوسهم، وتُصبح المرجعيّة لصنّاع إهلاك الشباب، تلك الصناعة اللّامعة الجذابة والمحرقة في نفس الوقت؛ إنها «السوشيال ميديا». سنوات من العمل الصامت الدّؤوب إعلاميا وماديا ونفسيا للتفنّن في جذب الشباب، وسنوات من التجهيل وإغراق الشاشات بالأعمال المشحونة بالمجون والاستهتار بالغيبيّات والرموز الدينية وإدخالها في معنى الحضارة والتجديد، واستخدام الكوميديا في تغيير الثوابت تدريجيًّا.. حتى صار الإنسان وتحقيق رغباته هو محور اعتبار الحق والباطل، وهكذا تتغذّى حالة الاختناق من مفهوم مركزية الشريعة والدار الآخرة في ضمير الشباب والمجتمعات.. فهل نبحث بعد هذا كله عن إنسانٍ واعٍ؟!. إنها صناعة التلبيسِ التي ابتُلينا بها ومرّت على شباب خير أمّة مرورًا هادئًا مُقنعًا، كيف ننخدعُ وقدوتنا عمر الذي قال:(لستُ بالخبِّ ولا الخبُّ يخدعني) الخبّ: المخادع. فبات الشباب مندفعين خلف المدنيّة التي عظمتها النظرة الغربية للحياة فاختفى الاندهاش من معاني الجمال الحقيقي وتوقف الاستمتاع بتفاصيل النّعم وغاب الهدف من تزكية النفوس، وتنامى داخل المجتمعات الشعور بالخجل من المسميات الشرعية للأمور، وحلّ مصطلح «الآخر» الذي ملأ الكتابات على مواقع التواصل مهما كان هذا الآخر وموقفه من ديننا ونبينا وحتى ربنا.. وتعطّلت عقيدة الولاء للمؤمنين والبراء من الكفر وأهله، واستبدال الأخوة الإيمانية بمصطلح «التعايش السلمي»، وهم بهذا يسبحون في بحورٍ من الخواطر لا شواطئ لها تأكل ما في قلوبهم من محبة الله. ولكبح هذا النشاط الإفسادي لابدّ من استمرار الصحوة بقوتها وزخمها والاستفادة من حال الأمّة وما يجري من أحداث لاستنقاذ الشباب من وحل النفاق المحيط بهم، وعدم استصغار العمل الإصلاحي ولو بكلمة، ولنا مثل وأُسوة في المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين ردّ على رستم لمّا استهزأ برماح المسلمين القصيرة (ما تفعلون بهذه المغازل)؟ فردّ المغيرة: (ما ضرّ الجمرة ألّا تكون طويلة).. وقد أصابت تلك المغازل الصادقة مُلكَ رستم في مقتل. ختامًا أقول: لابدّ من إعادة ترتيب أولويات الشّاب المثقّف المسلم.