13 سبتمبر 2025

تسجيل

رؤية على المشهد السياسي السوداني (4)

28 يونيو 2023

عندما جاءت الفكرة المخطط لها بفصل السودان وقيام دولتين في شمال السودان وجنوبه بمباركة الانظمة الدولية والقانونية وايضاً من باب ( قصر الشر ) ومكافحة الارهاب من قبل اساتذة الارهاب حتى تستطيع المنظمات الحقوقية والجمعيات الخيرية والطواقم الصليبية الطبية بمساعدة الجائعين من السكان ووقف اطلاق النار ترى ان كثيراً من ابناء الشعب الواحد سقطوا وراء هذه الدعوة خاصة اولئك الذين فقدوا الامل واصابهم اليأس والقنوط في حياة كريمة كبقية شعوب الارض وايضاً ما عانى منه الجنوبيون انفسهم نتيجة التدخلات والتي اسفرت عن جملة من المظالم والمجاعة والبؤس ولجوء عشرات الالاف من الجنوبيين للخارج حيث الاضرار التي لحقت بهم من انتهاكات وجوع وفقدان الكرامة وابسط حقوق الانسان مما صعب بعد ذلك من لم شمل الشعب السوداني كاملاً من شماله الى جنوبه خاصة ان الجنوبيين في تلك الحقبة كانوا كالذي ينتظر من ينتشله من الغرف ويحميه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وانسانياً. فطالما حاول ابناء الجنوب اثبات انفسهم بانهم ليسوا ضد التطور والتنمية وان من وصفهم بأنهم رجعيين وعالة هو نفسه من يريد الهيمنة على مقدرات السودان والغاء وجودهم. وامام هذا الظرف القاهر زادت المساعدات الغربية للجنوب وبرزت الاغاثات الصليبية مما ينذر بتعصب عرقي وديني من قبل الجنوبيين للمسلمين، وحيث انه سيطر النظام الاسلامي في الشمال والعاصمة الخرطوم وكان هناك حكم اقليمي اشبه بالعلماني من حيث التطبيق في جنوب السودان بالإضافة لحكومة متذبذبة بلا توجه واضح ولا اهداف سياسية مدروسة ولا هم إلى هؤلاء ولا هؤلاء حيث المعارضة السودانية في ذلك الوقت لم تكن ببعيدة عن فقدان الهوية ما بين التحفظات تارة والاستنكار تارة والترحيب تارة اخرى ولم تغن الاتفاقيات والاجتماعات بين الرئيس البشير وقادة الجنوب من اندلاع المعارك التي خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى من القوات الحكومية والحركة الشعبية مما يثبت صحة المقولة من انه لا جدوى في السودان من اي التزامات جدية او اتفاقيات من اجل احلال السلام او من يسمي نفسه في ذلك الوقت بنظام الانقاذ وهو في واقع الامر من يحتاج الى انقاذ وانعاش وتحديد توجهاته من اجل بناء دولة ديمقراطية حديثة تصول وتجوب العالم لما تحويه من شعب مميز في كافة امور الحياة من رياضة وطب ودين وعلم وقانون وعلماء واساتذة حتى اصبح النظام بلا ثوابت ولا اهداف فمن يصف اعداءه بالخوارج والكفرة ويريد في نفس الوقت ان يفصل الدين عن الدولة لكي يرتب اموره وكأن الدين عالة على النظام القانوني والسياسي والواقع ان الدين هو القانون والسياسة والتشريع والحياة وليس هو سبب سلبياتك. الحقيقة ان مثل هؤلاء هم عادة سبب المآسي السياسية والوطنية عبر التاريخ والتي لحقت بالسودان فهم في الواقع لم يحرصوا يوماً على السودان ولا على مصالح السودانيين ولا على المصلحة العليا ووحدة الشعب والقيادة من جانب اخر المؤامرات الخارجية كانت تستهدف امن هذا البلد المبارك نتيجة الارادات السياسية المتخبطة حيث كانت بين الحين والاخر تشعل فتيل المواجهات وسط البحث عن انتصار عسكري على الارض والوصول الى مائدة المفاوضات كطرف قوي يستطيع ان يحسن اوضاعه التفاوضية من اجل مصلحته لا مصلحة شعبه وايضاً السعي لادارة الصراع في حال وجود مرحلة انتقالية مع ان الولايات المتحدة هي في الواقع من تمتلك اليد العليا في الادارة والحسم السياسي والعسكري. اذا الخيارات محدودة امام اطراف الاقتتال فقط مجرد اقتتال لذلك جاء الحل والبديل وهو فصل الدين عن الدولة بنظام سياسي اسلامي في ظاهره في الشمال وفي مقر العاصمة السودانية ونظام منفصل قد يكون علمانيا في الجنوب تحتويه جوبا. والغريب العجيب ان هذين النظامين بدستور ونظام قانوني على قرار الفيدرالي ولكن بلا توجه سياسي واضح المعالم، والواقع يقول هل تضمن بقاء جنوب السودان تحت هذا النظام وتبعيته وهو بلا هوية تنظم فيه السلطات وتجمع فيه الشتات ؟ فكرة المشروع الامريكي الخاص بالسودان في ذلك الوقت هو قيام نظام فيدرالي بسلطة واحدة مع ان هناك امورا كان يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار والاهمية من قبل الحكومة وهي اخراج ابناء الجنوب من آثار الحرب الطاحنة وكيفية اقناعهم بالانسجام والتعايش السلمي مع اقرانهم ابناء الشمال تحت نظام سياسي موحد يعطي كل ذي حق حقه. وسط مجموعة من المبادرات العربية الامريكية منها ما كان يسعى الى الاجماع السياسي حول مائدة المفاوضات ومنها من كان يريد حلا شاملا واقناع الجنوبيين بالوحدة بنظام ديمقراطي وتعدد سياسي وثقافي وعرقي ومنها من كان يريد حث ابناء الجنوب على الانفصال وضمان اعادة تقسيم الثروة البترولية في الجنوب مما يجعل عيون الغرب تتجه نحو الاحتياطات الضخمة في الجنوب وضرورة فصل الجنوب والانفراد لشركات كان لها نفوذ سابقاً وذلك للهيمنة على هذه الثروة.