13 سبتمبر 2025

تسجيل

رؤية على المشهد السياسي السوداني (6)

12 يوليو 2023

ربما يعتبر السودان من أكثر الدول في العالم الذي يفتقد للاستقرار السياسي والرؤية الناجحة التي ينشدها الشعب السوداني، انما هو استقرار اجتماعي، تنمية واستقرار اقتصادي، واستقرار أمني مبني على نظام قانوني والعدالة وحقوق الانسان، واستقرار سياسي داخلي وخارجي، وهذه الاربع ركائز هي ما يفتقدها المواطن السوداني عبر كل زمان ومكان لدرجة ولوج السودان باحداث تاريخية سياسية وعسكرية قد يصعب تكييفها هل هي انتفاضة أم أنها ترتقي الى مفهوم التغيير أو الثورة الشعبية أو انقلاب المؤسسة العسكرية وقد يلاحظ القارئ من سياسيين ومتابعين للشأن السوداني ان أي رئيس عسكري يتسلم السلطة لابد ما يبدأ حديثه عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت وان السودان لا يستطيع ان يتحمل تجارب اخرى مؤلمة وعلى الاخوة السودانيين ان يدركوا ان هذه التجربة ( أي وصوله لسدة الحكم ) يجب ان تكون الأخيرة ومن أجل مصلحة السودان وشعبه.. انتهى. ( طبعاً دون التطرق للمكاسب الاقتصادية والامنية والاجتماعية ) لان بديهياً هذه المطالب الشعبية ليست موجودة ولا هي على اجندة عمل المؤسسة العسكرية ومن يتولى زمام حكم السودان حين وثق ابناء الشعب السوداني كثيراً بالعسكر وانظمته وشعارات الاحزاب المختلفة الرنانة ومن يقبع وراء هذه الشعارات تارة باسم الدين والدين منهم براء حيث لا يتم العمل بمضمونه والشعب بين مهاجر ومشرد وفي الداخل يقبع تحت الحاجة والبطالة والعوز والفقر، وتارة باسم الوحدة والديمقراطية، وتارة بشعار العدالة والانظمة القانونية والدستورية والرقابة الشرعية على السلطة، وكل تلك الشعارات لم تجلب استقرارا ولا امنا ولم تجلب وظيفة ولا طعاما ولا سكنا ولا مكاسب للأجيال القادمة. يدرك الشعب السوداني المثقف والواعي مدى التغيرات السياسية والاقتصادية والمدنية والتطورات حول العالم وان شعب كل دولة هو من يكتب تاريخه بنفسه وليس اشخاصا واحزابا تتصارع على النفوذ والسلطة بشعارات براقة دون تحقيق اي مطالب ولا انجازات تُكتب بعيداً عن التسويات الحزبية العرقية والعسكرية التي ابتلى بها الشعب السوداني منذ 70 عاماً الى هذه اللحظة حتى اصبحت السمة الدارجة على المشهد السياسي والجغرافي للسودان هو عدم الاستقرار والصراعات المستمرة ذات الطابع العسكري وتوترات سياسية وحزبية لا متناهية فقدت معها الشرعية السياسية في السودان ثقة الشعب السوداني بالنظم القانونية والديمقراطية ومصلحة السودان والشعب العليا حتى اصبحت من اكثر المناطق غير المستقرة سياسياً وامنياً في القارة الافريقية. وقد يتبادر الى اذهاننا هذا السؤال الاكثر أهمية: ما هو مقاييس الحريات المتحققة اليوم في السودان ؟ وماهو مؤشر مدى التزام السلطة في السودان بحقوق الانسان ؟ ما هي المؤسسات التي تراقب انتهاكات حقوق الانسان في السودان وما هو دورها ومسئولياتها القانونية والدولية فيما يتعلق على سبيل المثال لا الحصر حقوق الافراد والعمال وتشغيل الاطفال والعقاب البدني ومراقبة السجون والاعتقالات خارج نطاق القانون والرشاوى والاختلاسات وهدر المال العام والفساد الاداري والاقتصادي وعدم المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية للاقليات العرقية وللمرأة.. وغيرها قد يبدو للمتابعين للشأن السوداني ان هناك حالات انتعاش او انعاش بسيطة احسن حالاً من سابقاتها بالنسبة للاوضاع المعيشية والسياسية في السودان طبعاً دون غيره.. لان في غيره لا تعتبر انتعاشا، وقد كانت بعض الاوضاع الديمقراطية التعددية شبه الكاملة في السودان في الفترة من 1985 م الى 1989 م فترة لو قارنتها ببعض الدول الافريقية وغيرها إما ان يحكمها نظام عسكري يتحول كمؤسسة سياسية ذات تابع عسكري واما ان تكون هناك وللعلن حركات شعبية هي من تتحكم في زمام الامور بواسطة تشكيلات مسلحة او احد الانظمة الحزبية التي يصعب حصرها وعدها هي من تمتلك السيطرة وعادة هذه الاحزاب والتنظيمات لم تأت بخير لا على السودان ولا على شعب السودان ولا على الامة العربية ولا الاسلامية ولا لمصلحة البلاد ولا العباد.