31 أكتوبر 2025
تسجيليأتي العيد فتذهب بنا الذكرى إلى الماضي البعيد، إلى أول عيدٍ عرفنا به طعم العيد ولبس الجديد، كنا نعيش يومنا ولا نفكر بالغد، لم نكن نعلم ما تخبئه لنا الأيام، كنا صغارًا وكانت أحلامنا كذلك، لم ندر بأن الأيام ستغيّب تلك الوجوه التي ألفتها أعيننا، وتلك الأصوات التي سكنت في أرواحنا، وتلك الابتسامات التي أعطتنا الأمل قبل أن تعطينا العيدية. في تلك الحقبة لم يكن حولي من يهتم بالشعر العربي الفصيح، لذا لم أكن لأسمع ما قاله أبوالطيب المتنبي في العيد، ولو سمعته لأختصر علي قوله المسافات وكفاني المؤونة حيث قال: عيدٌ بأية حالٍ عدتَ ياعيدُ بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ أما الأحبةُ فالبيداءُ دونهمُ فليت دونك بيدًا دونها بيدُ وعندما كبرنا قليلًا وعرفنا معنى الحياة وحقيقتها لم تعد تراودنا تلك الأحلام الوردية، لقد أصبحنا أكثر واقعية، وليس تشاؤمًا، لقد أدركنا بأن بقاء الحال من المحال، أذكر أنني عندما بلغت العشرين من عمري، وكنت حينها مهتمًا بل مولعًا بالشعر، كتبتُ أبياتًا تصف شعوري بتلك المرحلة، وكم كانت فرحتي عندما وجدت تلك الأبيات بين طيات أوراقي القديمة، إنها تحمل ذكرى أربعين سنة خلت، قرأتها عدت مرات، وأمعنت النظر فيها لأجدها تختزل قصة الإنسان، قد لم تكن لتستوعب كل تلك المعاني في حينها، لكنها الآن تعني لي الكثير الكثير، قلت: كنت بالأمس رضيعًا جاهلًا تارةً تلهو وتلعب بالثرى وتغاريد الطيور لها صدى أتظن الحال باقٍ هكذا لا وهيهات الحياة لها مدى. وترى الدنيا كبستانٍ جميل تارةً ترتاح في ظل النخيل تجعل الأزهار راقصةٌ تميل بعد أن تقضي من العمر القليل فإذا ما طال لا بد الرحيل.رحم الله آباءنا وأمهاتنا وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.