31 أكتوبر 2025

تسجيل

المستخدمون في المنازل صاحب العمل إنسان أيضا

28 يونيو 2020

عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: ( إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) (البخاري)، فمن ضمن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والذي بشر به الرسول الكريم منذ آلاف السنين، تعاليم التعامل مع المستخدمين في المنازل في زمن كان المتعارف عليه الظلم لهم وقهرهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم خير قدوة لتعميم حقوق المستخدمين في العمالة المنزلية الإنسانية في ذلك العصر، وحث على التعامل معهم بالحسنى والشفقة عليهم وإكرامهم والبر بهم ورحمتهم في العمل، وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال والتواضع معهم. كما حذر عليه الصلاة والسلام من إيذائهم ولو بالدعاء عليهم والإسراع بإعطائهم أجورهم والعفو عنهم عند وقوع خطأ أو تقصير منهم. إذا فالمسلمون يتبعون قانون الله قبل أي قانون، فالقانون الإنساني ممكن للإنسان مخالفته أو عدم الانصياع الكامل له ومن الممكن أن يبرر ذلك لوجود ثغرات به وبآليات العمل به، أما مخالفة القانون السماوي فهو مخالفة أمر الله عز وجل. فحقوق المستخدمين في المنازل محفوظة لدى المسلمين منذ الأزل ومعمول بها على أكمل وجه في مجتمعنا القطري، فقد تعامل أهلنا مع المستخدمين بالمنازل بكل ود واحترام ولم يقصروا في إكرامهم في الملبس والمأكل والهدايا والعطايا، فحقوق الإنسان من ضمن تكويننا الأخلاقي والديني. ولكن للأسف باتت حقوق أصحاب العمل من المواطنين هي التي تفتقر للإنسانية، فيعاني صاحب العمل من تكلفة الاستقدام الباهظة وغير المبررة، والتي بات بسببها صاحب العمل بين المطرقة والسندان، وبالرغم من أن صاحب العمل سيقوم مجبرا بدفع المبالغ لمكتب الاستقدام إلا أنه لا يوجد له أي حقوق فعلية على أرض الواقع كما شهدناها من خلال حالات كثيرة تعرض بها صاحب العمل لمشاكل مع العاملة المنزلية بعد انتهاء فترة الضمان ولم يجد بُدا من ارجاعها لبلادها قبل انتهاء فترة عقد عملها وخسارة ماله، وبالطبع ستتضاعف عليه الخسارة، لأنه سيضطر لطلب عاملة منزلية أخرى وهو ما يثرى جيوب مكاتب الاستقدام ويفقر جيوب أصحاب العمل !. السؤال لماذا لا يتحمل مكتب الاستقدام والمستخدم عدم التزام المستخدم الفترة المذكورة في عقد العمل ؟ ولماذا لا يتم تعويض صاحب العمل عن الفترة المتبقية من عقد العمل ؟ حيث ستكون فترة الثلاثة أشهر فترة تجريبية للطرفين، فمثلما يرضى صاحب العمل بكفاءة المستخدمة ترضى المستخدمة بطبيعة عملها وبأطباع الناس الذين جربت العيش معهم. فالحاصل هو كالتالي: فبعد انتهاء فترة الضمان تبدأ بعض المستخدمات في التلكؤ في العمل وعدم القيام بالمهام الموكلة إليها حتى أنها تبدأ بعدم الاعتناء بممتلكات المنزل، مثل كسر المقتنيات وعدم التعامل معها برفق، وإعطاب الأجهزة الإلكترونية لعدم الاهتمام بالتعامل معها بالصورة الصحيحة، والمتاجرة بالأغذية التي يشتريها صاحب العمل لمنزله وبيعها، والسرقة والتعاون مع الغرباء لتصريفها خارج المنزل، وتصوير أهل البيت من نساء وأطفال وشيوخ وعجائزعلى حين غفلة ونشر الفيديوهات والقيام بأعمال منافية للأخلاق والشرف. فإن كان بلاء صاحب المنزل على أمور ممكن التجاوز والصبر عليها حتى لا تتضاعف الخسارة فسيصبر ليقينه بأنه هو الحلقة الأضعف، وأما إن كان من الأمور التي لا يمكن الصبر عليها، فسيضطر لتسفيرها وطلب أخرى من مكتب الاستقدام الذي سيرحب به وبماله. وتتعامل المستخدمة مع صاحب العمل وهي على يقين تام بأنها هي الأقوى لعلمها بأن الخاسر الأكبر هو المستقدم، فكل الحقوق مكفولة لها فأقصى ما يمكنه عمله هو تسفيرها على حسابه وستجد هي فرصة عمل جديدة !. ففي المادة الحادية عشرة من قانون رقم (15) لسنة 2017 بشأن المستخدمين في المنازل ذكر فيها عدة أمور يجب على المستخدم الالتزام بها ولكن للأسف لم يذكر بالمادة عواقب عدم الالتزام، لذلك لا يوجد رادع لتلاعب بعض المستخدمات ومكاتب الاستقدام. وذكرت المادة 14 بنفس القانون أن (يستحق المستخدم، عن كل سنة ميلادية يقضيها بالخدمة، إجازة سنوية مدفوعة الأجر، مدتها ثلاثة أسابيع، ويجوز له تجزئتها واختيار موعد ومكان قضائها) المتعارف عليه بأن المستخدم يسافر لبلاده بعد انتهاء السنتين ويُصرف له راتب شهرين، وكنت أتمنى أن تضاف للمادة (أو حسب ما يتفق عليه الطرفان)، وكيف يلزم القانون صاحب العمل بأن يختار المستخدم مكان قضاء إجازته ؟ فالمعنى هنا واسع ولا يصب في مصلحة صاحب العمل فإن خرجت المستخدمة لثلاثة أسابيع وهي على كفالة صاحب العمل من يتحمل مسؤولية حدوث أي شيء لها ومن الذي سيتحمل قيامها بأي عمل مخل مثلا غير صاحب العمل؟ كذلك على صاحب العمل دفع مكافأة نهاية الخدمة بالإضافة لقيمة الاجازة السنوية مدفوعة الأجر ؟! السؤال هل الجميع يستطيع دفع هذه المبالغ بالإضافة لتذكرة السفر فهناك أصحاب عمل من المتقاعدين وكبار السن. وصورة من صور الاستغلال، توفير شركات التنظيف مستخدمات بأسعار عالية، فكما شكت لي إحدى المسنات بانها اضطرت للتعامل مع مكتب للتنظيفات يوفر مستخدمات للمبيت وبسعر 4000 ريال شهريا ! ونظراً لكبر سنها وأزمة الكورونا وافقت على ذلك ! ولكن هل توفير هذه الخدمة وبهذا السعر يعتبر قانونيا ؟ وفي حال كان قانونيا أليس من المفروض أن تكون هناك رقابة على الأسعار لحماية المستهلك ؟ وألا يتسبب مثل هذا النشاط في فتح المجال لبعض المستخدمات لاستغلال أصحاب العمل أكثر في أن يكون عملها جسرا لنقل الكفالة. إن الحديث في هذا الموضوع يطول ولكن مثلما يعرف أصحاب العمل حقوق المستخدمين يجب على الطرف الآخر تقدير صاحب العمل والتعامل معه بالحسنى، فهو من يوفر له العمل الذي يجني منه المال لتوفير احتياجاته واحتياجات عائلته فهو ليس عدوه، بل يجب اعتبار منزل صاحب العمل منزله وعائلته يهتم بهم ويحبهم ويكون أمينا على أرواحهم وأولادهم ومقتنياتهم، فللطرفين حقوق، وباعتقادي فإن أحد الحلول الجذرية للمشكلة بالرجوع للأسعار الطبيعية للاستقدام ووضع قوانين ملزمة للمستخدم ومكاتب الاستقدام بالتعاون مع سفارة المستخدم لالتزام الجميع بالعقود المبرمة بين الطرفين. [email protected]