15 سبتمبر 2025
تسجيلتتسابق وتتفنن المحطات الفضائية في بث برامج الإثارة، مهما كان نوعها، بقصد جذب المزيد من الإعلانات، كون الجمهور يُقبل على مثل هذه النوعية من البرامج، ويسجل ساعات مُشاهدة كبيرة. ولقد تجاوزت هذه النوعية من برامج الإطارات الفضائحية المتعلقة بالأمور الاجتماعية، وحكايات الفنانات وتعليقاتهن على بعض التصرفات أو التصريحات التي تظهر عن زملائهن في المهنة، إلى عالم السياسة !؟ حيث ظهرت فضائيات، ما بعد ما عُرف بـ (الربيع العربي)، تجاوزت كل قيم البث، ومهنية الإعلام، كي تأتي بالجديد ؟ ولم يكن هذا الجديد إلا عبث الكلمات، والتعدي على كرامة الآخرين، وتسفيه آرائهم دون وجه حق. وصار بعضهم يجلس 20 ساعة أمام الكاميرا يتحدث ويحكم، ويطالب، ويهدد، ويتوعد، وبلهجة تفتقد كثيراً لغة العقل أو المنطق أو الدقة؛ وبتعبيرات وجهٍ لا تناسب مكانة الشاشة!. ناهيك عن بقائه طوال تلك المدة دون فيلم مصاحب !؟ ونحن ندرك أن التلفزيون هو صورة متحركة، وليس صورة ثابتة لمقدم يفرض آراءهُ فرضاً ، دون أن يعارضه أو يتداخل معه أحد!؟ لقد تم رسم هذا البرنامج ليكون الوحيد في كامل ساعات البث، دون السماح لأي ضيف أن يبدي وجهة نظر أو شخص يؤيد أو يعارض !؟ وصادف أن قام صاحب هذه المحطة بعرض إعلان (ثابت) يعلن فيه توقف المحطة لعقبات مالية !؟ ثم عاد إلى الشاشة بعد أسبوع ومارس نفس أسلوبه السابق.!السؤال هنا: ماذا يستفيد المُشاهد من مثل هذه البرامج التي تعتمد على إثارة العاطفية السياسية والنوستالجيا السياسية، وتشويه سمعة الآخر !؟ وأي مُعلن يمكن أن يؤيد مثل هذه البرامج التي قد يشاهدها البعض لدقائق فقط ليسمع بعض الكلمات والتعبيرات الخارجة على الذوق وعلى رسالة الإعلام !؟ لذا لا يوجد إعلان واحد على هذه المحطة.إن الإثارة لا تعني الحط من كرامة الناس أو تشويه سمعتهم أو ازدرائهم، مهما اختلفنا معهم. الإثارة تعني تقديم الجديد والمهم والذي يُثير الإعجاب، ولكن ما نشاهده في السماء العربية هذه الأيام أغلبه ليس جديداً ولا مهماً ولا مثيراً للإعجاب.بل إن العجب كل العجب، أن يظل صاحب محطة أو مقدم برامج يُلاحق قضائياً بسبب تعديه على الآخرين، ويقضي وقته بين المحاكم، ولا يتبقى لديه وقت للإبداع أو التفكير بتطوير المحطة. ثم ما هي الفائدة من مثل هذه البرامج "المثيرة" للشفقة، والتي لا تحمل أي جديد للمشاهد، بل تُدخله دائرة فوضى الأفكار وعبث الكلمات، ما يساهم في زيادة توتيره وعدم اتزانه.كما أن الإثارة لا تعني الدخول في "حُرمات" الناس أو إظهارهم في مشاهد لا يودون الظهور فيها.