11 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب مرسي

28 يونيو 2013

بدا الرئيس المصري في خطاب ما قبل أحداث 30 يونيو، وكأنه يعيد تقديم نفسه من جديد للرأي العام. لقد تحول خطاب الرئيس محمد مرسي من كشف حساب لإنجازات وإخفاقات العام الأول له في الحكم، إلى خطاب استعادة مشروعية البقاء في موقع القيادة، بعد أسابيع انصبت فيها دعايات المعارضين له على انتهاء شرعية وجوده في السلطة وأنه لا يصلح رئيسا لمصر وأن بقاءه في الحكم صار خطرا على الأمن القومي لمصر والمصالح العليا للبلاد. خلاصة الخطاب أن الرئيس..رئيس، وأنه في موقع القيادة والسيطرة وقادر على التصدي لمشكلات مصر وأن لديه خططا وأساليب عمل وطرق مواجهة وأن ما يجري ضده والنظام الحالي هو محاولات مدبرة للقضاء على الثورة وإنجازاتها. لم يكتف الدكتور مرسي بالرد على الانتقادات، وكذلك لم يركز خطابه على شرح إنجازاته، بل هو كرس جهده لإيضاح طبيعة الصعوبات والعقبات التي تواجه البلاد وكيف أن هناك خططا مدبرة من الخارج والداخل لإفشاله، كما ركز على هيبة الدولة عمليا لا نظريا فقط وأظهر نفسه في موقع المسيطر والقائد لكل أجهزة الدولة وبشكل الخاص للقوات المسلحة والشرطة، وكيف أنه يعمل ويتحرك من موقع القادر لا الضعيف والصابر كاظم الغيظ لا المسؤول قليل الحيلة، بل هو بدا في موقع من يوجه الإنذار الأخير في أكثر من موقع في الخطاب وفي أكثر من اتجاه، بما جعل الرأي العام يشعر بأنه أمام رئيس مختلف. اعتمد الرئيس إستراتيجية هجومية. هو كثف الضغط والملاحقة على الخصوم مستغلا ثغرة فتحتها له المعارضة بنفسها حين توسعت في إعلاناتها السياسية التي دافعت عن رموز من النظام السابق. هو استثمر هذا الخطأ وطوره حتى تاهت صورة المعارضة في داخل صورة عناصر النظام السابق. كرر الرئيس طوال الخطاب تشهيره بعناصر النظام السابق وفسادها، وكشف أنها صارت تدعي الثورية وأنها تقف خلف الأزمات التموينية والمعيشية وأنها هي من تقوم بحشد عناصر البلطجة والإجرام، ضاربا نماذج بالأسماء في كل صنف، وهو ما أتاح للرئيس أن يهدد ويتوعد وأن يعلن عن إجراءات حاسمة على صعيد تطهير جهاز الدولة من المسؤولين والموظفين الذين يعوقون تنفيذ برامجه ويصنعون الأزمات وأن يشن هجمات محددة بالاسم والتهمة، دون أن يستطيع أحد أن يجد مجالا لاتهامه بالخروج على قواعد الديمقراطية. وقد شن الرئيس هجوما مضادا للهجوم الإعلامي غير المسبوق ضده، وإذ ألمح إلى ما يقال عنه في الإعلام دون إشارة إلى أسماء الإعلاميين، فقد وجه إنذارات محددة بالاسم إلى اثنين من ملاك القنوات الفضائية الأشد انغماسا في خطة هدم صورة الرئيس، ذاكرا تهربهم من الضرائب وملمحا كيف أن الهجوم عليه يأتي بسبب مطالبة الدولة لهم بدفع ما عليهم من مستحقات للشعب. ولاحظ المتابعون للخطاب أن الرئيس لم يسرف في الآمال التي كان يتوقع البعض أن يعتمدها وسيلة لسحب حالة الغضب الشعبي بل حث الناس على العمل والصبر وقصد أن يأتي حديثه عن الأمل مرتبطا بإنجازات تصنيعية وتكنولوجية مصرية وبقضايا مجتمعية تتعلق بزيادات الأجور والدخول، وأنه أرسل رسائل طمأنة للشعب بأن الدولة قادرة على مواجهة الخروج على القانون في محاولة لتخفيف حالة الفزع التي تجتاح نفوس المواطنين، وأنه حاول استعادة قطاعات محددة من الرأي العام إلى صف النظام خاصة شباب الثورة وأهل سيناء والفلاحين..الخ. قال الخطاب أنا الرئيس الشرعي وللتغيير أطر ديمقراطية ومن يخرج عليها وجب التصدي له. وقال الخطاب إن ما يجري التحضير له من مظاهرات سيواجه إذا خرج عن الشرعية، وقدم الطمأنة لأنصاره بأنه ثابت في الحكم ومسيطر، وحدد أفق المعركة بمواجهة فلول النظام السابق بشكل حاسم لا هوادة فيه، ومن قبل ومن بعد قدم الرئيس نفسه للناس كبشر يخطئ ويصيب.