16 سبتمبر 2025

تسجيل

هيئة مكافحة فساد أم علاقات عامة ومؤتمرات؟

28 يونيو 2012

أصبنا بالإحباط بعد متابعة وتحليل عدد من الاخبار والصور في صحفنا الرسمية لأنشطة هيئة الرقابة الإدارية والشفافية، متناولة رئيس الهيئة بأخبار وصور تتعلق بالمؤتمرات الدولية أو بتلك الأنشطة المستهلكة المعلبة المعنونة بـ استقبل فلانا.. وودع فلانا... سواء كان من استقبله رئيس وزراء، سفيرا، وزيرا.. عضو برلمان... وهلم جرا. منذ 29 نوفمبر 2011 كنا — وقد اعطيناها الفرصة — نتوقع الهيئة بكونها ذات شخصية معنوية اعتبارية تتبع الأمير مباشرة، ابعد ما تكون عن أنشطة واخبار وصور الاستقبالات والتوديعات، نظرا لخصوصية ووضوح مهامها وجمهورها، المحددة بالرقابة والشفافية ونزاهة الوظيفة العامة، ومكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله، وتلك التي تخدم مفهوم "الحكم الجيد" في قطر، وهو مصطلح جديد دوليا يوازي البعد عن الفساد الاداري والمالي والحكم بالديمقراطية.. فإذا بالهيئة تعود مجددا وكأنها ديوان، مجلس وزراء أو وزارة خارجية في قطر، لها من المراسم ما لها بحكم طبيعة كل موقع ونوعية مراسمه، خصوصا واننا نحلم بمكافحة الفساد، ولكننا لم نعد نعلم الفرق بين المهام الوظيفية لها خصوصا واننا حلمنا برؤى — لا بأضغاث أحلام — لمكافحة فساد طال عددا كبيرا من المؤسسات والأجهزة في قطر، سواء كانت حكومية معتقة أو نفعا عاما او خاصا شبه عام، ووقعنا — نحن القطريين — في حيص بيص بعد وعود منينا بها بان تكون قطر "كفو" واسما على مسمى، او بالأحرى على نهج التقرير الدولي للشفافية والنزاهة المسطر بتاريخ 1 ديسمبر 2011 الذي وضعها في اولى درجات مكافحة الفساد او تقارير مؤشراته عربيا على المستوى الدولي، ولم نعلم ان الهيئة قد تكون مجرد ذر رماد في العيون، أو "تسكيتة" أو "تصبيرة"، أو ربما تكريما لشخصية وزير قدير لقب صدقا وعملا بالـ "نزيه" احتفينا به واستبشرنا بسمعته وما صرح به يومها بان الهيئة ستضرب بيد من حديد على كل مخالف في قطر، بقوله: "نعم، سنكون سيفا مسلطا على الفساد والمنحرفين والمخالفين، ولن نمارس نشاطنا بطريقة بوليسية ولن نجامل احدا وسنكون عادلين". واتمنى ألا تكون هذه اليد المقسوم بها من "ربل" خصوصا وان الهيئة وضّحت في بدايتها انها في طور التأسيس وأنها ستجمع البيانات والمعلومات الضروية الى حين استكمال انشائها ونظم بياناتها، فطال الوقت.. ووضع للهيئة مقر مؤقت — كما يبدو — ولكن القائمين عليها وعدوا بانهم سيلبون استقبال الحالات من مجرد الانتهاء من التأسيس، ولا اعلم هل انتهوا من الهيكل ام ما زالوا في طور الأساسات الذي تأخر عن وعودهم، وأخال ان هيئة مراقبة الأغذية التي أعلن مجلس الوزراء عن انشائها منذ يومين ستسبقهم في التأسيس وفي العمل أيضا وتضرب على مفسدي الأغذية بيد من حديد. هذا في الوقت الذي تسرح فيه هيئة اهم رقابة، ويعيث المفسدون في قطر فسادا قبل الايقاع بهم، او ربما هي فرصة لاستكمال حصص الفساد قبل نفضه وشرعنته، هذا وكثير من حقوق البلاد والعباد منتهكة مغتصبة من قبل عدد من العصابات المتآخية في قطر، تجمعها المصلحة الواحدة قلّت او كثرت، والسطو على المال العام من قبل البعض الذي جعل قطر لقمة سائغة بمقولة هي: "بوق ولا تخاف".. حتى تعاظمت ثروة البعض فجأة، أو اغتنى فجأة، فقفز عدد كبير على اسوار المال العام، بينما يفترش الشخص النزيه الارض ويلتحف السماء، مهددا في وظيفته، او يغادر اوكار الفساد في صمت حتى لا تتلطخ يديه في صفقاته، وحال الجميع يقرعونه لوما: "بوق يا خي مثلهم... "همجة" بسيطة ولا شيء؟ أنت في الحالتين محول تقاعد اذا قطري طبعا، سواء بقت وسرقت او كافحت ونافحت وذدت عن الحياض والله والوطن والضمير، ولكن الفرق أنه في الأولى ستخرج بثروة وبيوت ويمكن أبراج، وممكن ان تعود مستقبلا الى عملك أو الى اعلى مرتبة، اما في الثانية "يا بو ضمير" فستخرج مغضوبا عليك على قارعة الطريق مع مرض نفسي وعضوي من الهم والقهر والظلم يقودك الى "بوهامور". أما اذا كنت غير قطري فأيضا يوصونك "بوق ولا تخاف" لأنك في النهاية بتتسفر، لو لم تسرق ستخرج وليس معك صاحب او انيس في تسفيرك سوى ضميرك "وخل ينفعك ضميرك"، أما اذا سرقت فستخرج معززا مكرما، بما يغدقونه عليك من مكرمة أنك تقدمت باستقالتك بعد ان اخذت ثمنا باهظا على عملك وغير عملك مما نهبت، فضلا عن "إكرامية الأجنبي فوقها". مقولة مؤلمة تلك بتنا نسمعها كثيرا: "بوق...".. موال هي، بل مونولج داخلي ايضا. ما سر تراخي مهمة الهيئة وتأخرها ولماذا تصر على تأدية ادوار المراسم؟ وهل هي نسخة مكررة عن ديوان المحاسبة. تضج الصحافة يوميا بمقالات جريئة عن مؤسسات خاصة ذات نفع عام يديرها أجانب وكأنها دكاكينهم الخاصة او "مشروع عوايل"، ومؤسسات حكومية أو شبه حكومية تحت قطريين واجانب ايضا بتواطؤ وسكوت على الغنائم؟ صاحبة الجلالة وضعت وتضع يدها يوميا على جروح غائرة تنزف في قطر بحكم دورها ومهامها، وبحكم المادة التي تؤكد على دورها في قرار تأسيس الهيئة.. ولكن كيف ستكون الصحافة عين الهيئة في ظل سياسة سد الابواب والقنوات والتكميم والتعتيم التي تتتبعها المؤسسات، وفي ظل عدم أخذ الهيئة ولا غيرها معلومات الصحافة محمل الجد، اقصد في ظل عدم الشروع اصلا في مهامها التي رسمت لها. حقوق البلاد والعباد والمال العام في ضياع يا من يسمع.. المثل يقول "المال السايب يعلم السرقة؟" فمن يحاسب من؟! جني الثروة من المال العام وبيت مال المسلمين جريمة، لم تصل بعد الى تقارير دولية. "من اين لك هذا" قاعدة يجب ان تطبق.. ملفات الأفراد والأجهزة والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة ذات النفع العام يجب ان تدقق بذمة.. افتحوا ملفات عدة، في عدد من المؤسسات الخاصة ذات النفع الخاص عفوا "العام"..، افتحوا ملفات الصحة والتعليم والأشغال ووووووو... "تعبت يدي من الطباعة"؟ تفحصوا طرق قطر ومناقصاتها؟ ادخلوا مستشفى الوكرة الجديد الذي أغلق عن الجمهور قبل أن يتم افتتاحه؟ ما المبالغ التي صرفت فيه؟ وأين؟ وكيف؟ وما مستوى الانفاق مع نوع وجودة المنفق عليه؟ ولماذا أغلق قبل ان يفتتح؟ او — اقصد — لماذا افتتح وهو مغلق؟! وللحديث الساخن بقية..