11 سبتمبر 2025
تسجيليقترب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رجل الاستخبارات القوي، من عامه الخامس عشر في سدة الحكم على "الإمبراطورية الروسية " التي باتت تزحف للشرق أكثر بعدما أدار الغرب الظهر لها أكثر، ورغم أنه ليس بقوة الاتحاد السوفييتي الذي ورث عنه دولته الأم، ولكنه يقاوم بشدة كل سياسات الغرب الأمريكي والأوروبي، بريطانيا وفرنسا تحديدا، فيما يخص العالم العربي الشرقي، ولذلك فهو يحقق السيطرة المطلقة على مبيعات السلاح، لأنه يستطيع التأثير في قرار تزويد أي بلد بما يحتاجه من الأسلحة الفتاكة، ليتقاتل العرب دون منّة من الولايات المتحدة وعشيقاتها إنجلترا وفرنسا، والإمبراطور الروسي اليوم يدير الشرق الأوسط من على طاولة الشطرنج التي يعشقها في حديقة قصره.قد يسأل البعض عن الدور الروسي في ظل غرق موسكو في مستنقع أوكرانيا والمقاطعة الغربية لها، والجواب أن روسيا باتت اليوم هي الأقوى وهي من يتحكم بمفاصل الصراع العربي والإقليمي، فالنظام السوري لم يكن ليصمد كل هذا الوقت لولا النجدة الروسية منذ بداية الصراع، وهو لا يزال يزود جيش النظام بالسلاح والذخيرة والاستشارات السياسية، حتى أنك تسمع مسؤولي الخارجية السورية في دمشق ومجلس الأمن، فتفهم أنهم تعلموا في المدرسة الروسية، لذا لن يكون هناك أي حل للصراع في سوريا دون روسيا.وفي الشرق من سوريا لا يزال السلاح الروسي والمروحيات العسكرية هي درع القوة الذي يتحصن بها جيش النظام العراقي، فمنذ خرج الأمريكان من العراق تدفق السلاح الروسي للعاصمة بغداد ضمن صفقات بالمليارات لتأمين قوة حكومة نوري المالكي الموالية لإيران، ومن هناك بدأت جذوة الصراع تستعر بين الطوائف السياسية والمذهبية، وبدأت الجمهورية الإيرانية تمد جسور العلاقات مباشرة مع موسكو، بغية إعادة ترتيب الشرق الأوسط العربي حسب مقتضيات المصالح الجديدة للدول الكبرى، إيران، تركيا، وروسيا، والأخيرة هي التي تقرر في النهاية أين سيكون خط الوسط الذي ستنطلق منه أهدافها، بعد تراجع الإمبراطورية الأمريكية.لذلك لا يمكن إغفال خطر المد الروسي الجديد في العالم العربي، فبعد سوريا والعراق، فتح " بوتين الإمبراطور" مخازن السلاح للنظام المصري الجديد برئاسة عبد الفتاح السيسي، وتم تزويده بما يحتاج من دعم عسكري وسياسي مناكفة بالولايات المتحدة، ولكن الأخطر من ذلك هو الدعم العسكري الذي استطاعت روسيا توريده إلى اليمن، ما جعل عصابة الحوثيين قادة أقوياء فجأة بعد استيلائهم على مؤسسة الجيش اليمني.اليوم، وإن استثنيا الكيان الإسرائيلي، لنا أن نرى في الشرق الأوسط لاعبين يصعدان للنجومية رضينا أم غضبنا، إيران التي تمددت ولن تتوقف في البلدان العربية التي تعتبرها حديقتها الأمامية، وتركيا التي تعاني من تشوه سياسي نتيجة تاريخها العلماني بعد الإمبراطورية العثمانية واقترابها من الحصول على فرع في شجرة العائلة الأوروبية، وما بين إسلامها السني الذي لا يخفيه قائدها القوي رجب طيب أردوغان، حيث جلب كل تلك الكراهية من العالم الغربي له، ومع الاختلافات الواضحة بين هاتين الدولتين، فإن المصالح العليا تجمع ما بين أنقرة وطهران، وتستفيد طهران من التوتر ما بين تركيا وروسيا التي قررت أخيرا بيع صواريخ 300 إس المثيرة للجدل إلى إيران، ما سيجعل المنطقة العربية تحت سيطرة الغطاء الجوي الروسي المدعم بالطائرات والصواريخ البالستية ودعم الأنظمة القمعية وحماية المليشيات التي ترى فيها مصالحها. على العرب أن يعودوا للتفكير جديا وعمليا لإعادة بناء منظومة تكامل عربي مبني على المصالح العليا لدولهم يمكنهم من بناء قوة سياسية وصناعية وعسكرية وتنمية بشرية شاملة متكاملة، تغنيهم عن الوقوف على أبواب الدول العظمى، شرقا وغربا، فالمشهد خلف كواليس "عاصفة الحزم" يثير الشفقة على الواقع العربي، خصوصا صراع الغايات التي تقرر بناء عليها معركة الحرب وهي إعادة الشرعية وطرد الحوثي ومن خلفه إيران، فيما هناك من أراد إعادة نظام علي عبد الله صالح لاستنساخ تجربة مصر، المهم لننتبه إلى روسيا التي ستتحكم في خارطة الخليج العربي عما قريب!!.