12 سبتمبر 2025

تسجيل

خفض معدلات الفائدة خبر مفرح.. ولكن..

28 مارس 2024

على الرغم من نتائج التضخم غير المواتية التي شهدها شهرا ديسمبر ويناير، فإن هناك بعض العوامل الأساسية التي تشكل بدورها ضغطًا على بنك الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة بحلول منتصف هذا العام، وللمرة الأولى منذ 107 سنة مضت سجَّل بنك الاحتياطي الفيدرالي خسارة قدرها حوالي 114.3 مليار دولار أمريكي، ويُعزى ذلك أساسًا إلى الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة، مما أدى إلى إنفاق مبالغ هائلة على مدفوعات الفائدة على التزامات بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويُعد الضغط السياسي أيضًا من العوامل المهمة الأخرى التي تدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة؛ حيث تضعف فرص فوز الديمقراطيين بالانتخابات الرئاسية لهذا العام جراء ارتفاع معدلات الفائدة لفترات طويلة من الزمن مما يزيد من الضغط لبدء خفض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى ذلك فإن هناك حافزا قويا لبدء تخفيضات الأسعار في أقرب وقت ممكن من أجل تخفيف تأثير الضائقة المالية على الشركات والحفاظ على خطة الهبوط الناعم. إذَنْ... ما تأثير خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد والأسواق؟ يُعد خفض أسعار الفائدة خبرًا مُرحبًا به وينتظره السوق والمستثمرون؛ إذْ إنه يساهم في تحفيز الاقتصاد وتخفيف شيء من حالة عدم التيقن الناجمة عن السياسة التشديدية الراهنة، فمنذ بداية حالة الارتفاع في أسعار الفائدة شهدت صناديق سوق المال تدفقًا هائلاً لرأس المال حيث ارتفع إجمالي الأصول المحتفظ بها من 4.5 تريليون دولار أمريكي إلى 6 تريليونات دولار أمريكي، وبالتالي وفي ظل خفض أسعار الفائدة فإنه من المتوقع أن ينتقل جزء كبير من رأس المال الضخم هذا من صناديق سوق المال ليُضخ داخل أسواق الأسهم والاستثمارات الأخرى وهي أمور تساعد كلها في تعزيز الاقتصاد، وهذا يعني أيضًا أنه مع انخفاض أسعار الفائدة فإنه من المتوقع أن تنخفض أسعار الذهب؛ حيث تقترب أسعار الذهب بالفعل من أعلى مستوى لها على الإطلاق والتي وصلت إلى أعلى من 2050 دولار أمريكي/‏ أوقية؛ وبالتالي وفي ظل انخفاض أسعار الفائدة فإن حالة عدم التيقن الاقتصادي سوف تتضاءل، ومن المحتمل أن تشكل فرص الاستثمار الأخرى جاذبية أكثر وهذا كله من شأنه أن يدفع سعر الذهب إلى الانخفاض، إلا أن الحالة قد تكون مختلفة تمامًا إذا لم يتم تجنب الركود حينها سيكون الذهب هو الرابح الأكبر في هذه المعادلة، ويمكن لخفض أسعار الفائدة أيضًا أن يكون خبرًا مُرحبًا به من قبل الاكتتابات العامة الأولية؛ حيث تتبنى العديد من الشركات نهج الانتظار والترقب فتقوم بتأجيل عروضها حتى تبدو ظروف السوق أكثر ملاءمة وذلك لأن المستثمرين المنخرطين في الاكتتابات العامة يميلون إلى الاستعانة بالرافعة المالية عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، وبالتالي فإننا قد نشهد المزيد من الاكتتابات العامة الأولية إذا ما أثبت الاقتصاد مرونته وبدأت إجراءات خفض أسعار الفائدة، وعلى الرغم من أن تخفيضات أسعار الفائدة قد يكون لها أثرها الإيجابي على مستويات الاستثمار والإنفاق فإنه حري بنا أن نتذكر أنه لا تزال هناك صعوبات كبيرة أخرى تعوق حركة النمو خاصةً تلك التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي والتي لاحظنا انخفاضًا حادًا في أسعار الغاز والنفط فيها وهي حالة من المتوقع أن تستمر خلال العام حيث يُعتقد أن الاقتصادات الكبرى مثل الصين واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة متجهةً نحو الركود، وتُعد تلك كلها عوامل تدفع الاقتصادات الأخرى نحو التباطؤ الاقتصادي وتشكل أيضًا ضغطًا على أسعار الغاز والنفط، وهو أمر غير مواتٍ للاقتصادات الآسيوية واقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي حيث يُعد النفط والغاز المصدر الرئيسي للدخل في المنطقة.