10 سبتمبر 2025

تسجيل

السياسة النقدية تهدد النظام المصرفي!

21 مارس 2024

السياسة النقدية تهدد النظام المصرفي! كما يُعد الانخفاض الحاد في فائدة السندات منذ نوفمبر الماضي عاملًا آخرَ يزيد من تردد بنك الاحتياطي الفيدرالي في بدء خفض سعر الفائدة بشكل مبكر جدًا مما يعزز السهولة المالية - وهو أمر لا يريده بنك الاحتياطي الفيدرالي في هذه الأثناء حيث يُعتقد أنه سابق لأوانه وقد يرفع بذلك معدلات التضخم من جديد، واستجابةً منه لتضخم مؤشر أسعار المستهلك الأعلى من المتوقع في يناير أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه لا يتوقع أي تخفيضات في أسعار الفائدة قريبًا في مارس، كما أعلن البنك أيضًا أنه يتطلع إلى انخفاض مستمر في معدلات التضخم الشهرية لبدء خفض أسعار الفائدة بموجِبه وبالتالي فإنه من المتوقع الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة لفترة أطول . ووفقًا للتقرير الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو فقد انخفضت مدخرات الأسر المتراكمة خلال فترة تفشي الوباء من ذروة بلغت 2.1 تريليون دولار أمريكي لتصل إلى 430 مليار دولار أمريكي مما يُعد من العلامات المثيرة للقلق! ويشير هذا إلى أن قدرة المستهلكين على تحمل التكاليف لم تعد قوية كسابق عهدها وأنه يتعين علينا أن نتوقع انخفاض القوة الشرائية في الأشهر القادمة مما يؤثر بدوره على النشاط الاقتصادي، كما أن القطاع المصرفي يتعرض بدوره لضغوط متزايدة جراء هذه الظاهرة نتيجةً للجوء المستهلكين إلى قروض بطاقات الائتمان الخاصة بهم لتمويل مشترياتهم خلال الأرباع الأخيرة. وبالتالي وبحلول نهاية سبتمبر تخلف حوالي 8 ٪ من أرصدة بطاقات الائتمان عن السداد متجاوزين بذلك مستويات ما قبل الجائحة لأول مرة، ولوضع حجم المشكلة في منظورها الصحيح فإن أكثر من ثلث المستهلكين بات لديهم ديون بطاقات ائتمان أكثر من الاحتياطيات النقدية، كما أن هذه المشكلة قد ظهرت في وقت بلغت فيه الخسائر غير المُحققة للنظام المصرفي حوالي 700 مليار دولار أمريكي وهو ما يمثل 30 ٪ من جميع الأسهم المصرفية، وبأخذ تلك النقطة في الاعتبار نجد أن الخسائر غير المحققة لم تتجاوز 5 ٪ من جميع الأسهم المصرفية حتى في أسوأ مراحل الأزمة المالية 2008، علاوةً على ذلك فإن قطاع العقارات التجارية يشكل أيضًا ضغطًا على النظام المالي، لا سيما بسبب معدلات الشغور القياسية في العقارات التجارية مما يشكل بدوره ضغطًا هبوطيًا على أسعار الإيجارات وقيمة العقارات، ويؤدي هذا الاتجاه الهبوطي في سوق العقارات التجارية إلى ارتفاع معدلات التخلف عن السداد وبالتالي فإن البنوك الأصغر تتأثر بشكل أكبر بهذا الاتجاه؛ حيث إنه - ووفقًا للبحث الذي أجرته شركة أبولو - تمثل البنوك الصغيرة ما يقرب من 70 ٪ من جميع القروض العقارية التجارية القائمة مما يعني أن البنوك الصغيرة والمتوسطة - على عكس البنوك الكبيرة - متعرضة بشكل كبير للقطاعات العقارية التجارية، وقد كان نيويورك كوميونيتي بانكورب أحد الكِيانات الكبرى المتأثرة بهذا الاتجاه واليوم يواجه البنك ضائقة مالية بسبب تعرضه المرتفع للقروض العقارية . كما تُعد الاحتياطيات الفائضة لمؤسسات الإيداع والتي تشهد حالة ارتفاع منذ شهر يوليو من العام الماضي علامة أخرى مثيرة للاهتمام ويتعين علينا النظر إليها فهناك مستوى عالٍ من عدم التيقن بين المستثمرين والمؤسسات لا سيما عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات طويلة الأجل وهو ما ينعكس بوضوح في كمية الاحتياطيات التي تحتفظ بها مؤسسة الإيداع، علاوةً على ذلك يمكننا أن نلاحظ أن الطلب على الرهن العقاري قد انخفض إلى أدنى مستوى له منذ 30 عامًا في شهر يناير في ظل استمرار تدهور القدرة على تحمل تكاليف الإسكان وانتظار الناس لانخفاض أسعار الفائدة لاتخاذ قرارات الشراء، واليوم يُظهر هذا الاتجاه وبوضوح كيف يمكن للركود أن ينشأ في ظل استمرار الناس في تأخير قرارات شرائهم مما يفسر سبب تهديد سعر الفائدة الأعلى لفترة أطول على نظرية الهبوط الناعم.