18 سبتمبر 2025
تسجيلتعقيب: إن مجتمعاتنا من فرضية ثبات الهوية ورسوخها جعلها تخترق الزمن دون الإحساس بدورها في التطور والتجدد، إن الخوف على الهوية ينطلق أساساً من عجز الثقافة على تحويل النص الى معنى، فاحتفظوا بالهوية كنص ثابت وليس معنى شعوريا يتحرك مع وداخل الزمن. لا يتقدم الزمن إطلاقاً ما لم تكن هويته أمامه وليست خلفه، ليست هناك هوية خلف الزمن بإمكانها أن تعيقه عن التقدم الى الأمام، ثم إن هناك رابطاً بين ثروة المجتمع ونظرته الى الهوية، فإن كانت نظرة ماضوية أنفق ثروته على الماضي لإعادته الى الحاضر كما هو موجود وملاحظ في ثقافتنا "إعادة العصر الراشد" والإمامة والدولة السلطانية، بينما المجتمعات العصرية ثروتها جزء من هويتها المستقبلية، كما انني أرى أن الدين ليس هوية يمكن أن تتعايش إلا في بعده الإنساني، نحن مجتمعات تعاني من عدم إدراك لحركة الوعي عبر التاريخ، فالدولة مرحلة من مراحل تبلور الوعي الذي وصلت اليه هذه المجتمعات، بينما ظهورها في منطقتنا كان سابقاً على الوعي بها، فأصبحت شكلاً من سيطرة الماضي على الحاضر لا أكثر. فمجتمعات الهوية الجاهزة لا تتطور لأنها ليست مجتمعات حرية، الحرية تعني أن تختار هويتك او أن تصنعها بنفسك، لا أن يحدد لك المجتمع مستقبلاً او يختار جيل سابق لك ويلزمك بها، ولكن في أن لا يكون ذلك مساساً بحرية الآخرين أو تعريضاً لحياتهم للخطر، كما ان الدولة لا دخل لها في الهوية بالشكل الذي نراه في مجتمعنا، إن من ينادي أن الهوية مسؤولية الدولة وليست المجتمع يمارس الشمولية والإقصاء وهندسة المجتمع رغم إرادته، لو كانت الدولة في منطقتنا تمظهراً لإرادة المجتمع لأمكن القول بدور الدولة في رسم هوية المجتمع، ولكن الواقع، إنها ليست كذلك، فهي سبقته ورسمت له هويته وأصبح أسيراً لها لا راسماً لها، علينا أن ندرك أن الماهية تسبق الهوية، والماهية ليست سوى الإنسان، بالاضافة الى حريته، ومن ثم يأتي المجتمع والمحيط والبيئة بأشكال الهوية المكتسبة.