12 سبتمبر 2025

تسجيل

إنقاذ التعليم

28 مارس 2021

تسبب انتشار مرض كورونا في حدوث بلبلة في قطاع التعليم الذي اضطر لإتباع اسلوب جديد في التعليم وهو التعليم عن بعد والذي تم به استخدام المنصات التعليمية في تزويد الطلبة بالمنهج الدراسي. وبالرغم من وجود رغبة سابقة لتطوير التعليم والذي يحتاج لإتباع الأساليب الجديدة في التعليم مثل التعليم المدمج والتعليم عن بعد والمناهج وتطوير دور المعلم ليكون دوره أكبر وأعمق مما سيساهم في تطوير مخرجات التعليم إلا أنه للأسف لم يتم إتباع الأسس الصحيحة في بناء البنية التحتية القوية التي يجب أن يسند اليها التعليم الرقمي، فأقصى ما تم هو توفير الأجهزة بداية لتأسيس التعليم الرقمي وهذا بالطبع ينطبق على المدارس والجامعات الحكوميه ومعظم المدارس الخاصة. ونتيجة لجائحة كورونا التي ظهرت فيها الحاجة الماسة للتباعد الاجتماعي للتقليل من انتشار المرض تم اعتماد التعليم الرقمي عن بعد أو التعليم المختلط في المدارس والجامعات وبعد تطبيقه لم تكن النتيجة مرضية ويعزى السبب للاستعجال الذي حصل نتيجة الوضع الطارئ والذي يحتم استخدام التعليم الرقمي عن بعد بدون معرفة ودراية في اساسيات هذه الأنواع من التعليم والأساليب والمعايير اللازمة لتطبيقه، ومن الممكن التغاضي عن السلبيات التي حدثت نتيجة الوضع مثلما ذكرت سابقا ولكن مع التوقعات العالمية لتوقع استمرار الجائحة كنت أتأمل أن يتم العمل على اتباع أبسط المعايير والأساليب والطرق في تأسيس مثل هذا التعليم ولكن للأسف هذا لم يحدث والذي أعتبره خطأ في حق التعليم وظلما للطلبة الذين قضوا كل هذه الفترة في جمع معلومات تعتمد عليها دراستهم في المستقبل، والذي جعل من المعلم المسكين يعاني الأمرين في محاولته البائسة في إنجاز عمله كمدرس اعتاد على استخدام الطرق التقليدية في تقديم المعلومات لطلبته والمطلوب منه حاليا أن يقوم بنفس العمل ولكن باستخدام شاشة الكمبيوتر، ولكن مع الممارسة عرف الجميع بطريقة عملية بأن هذه الطريقة ليست الطريقة الصحيحة للتدريس الرقمي. المصيبة الأكبر في مستوى التحصيل العلمي للطلاب الذين تلقوا العلم لأكثر من ثلاثة فصول دراسية بهذا الأسلوب الذي يعتمد على التعليم المدمج والتعليم عن بعد خلال الفترة السابقة، لذلك يجب العمل على معالجة التأثير المستقبلي على تحصيل الطالب الدراسي لضعف المعلومات الأساسية التي ترتكز عليها دراسته المستقبلية في باقي المراحل ويتم ذلك بدراسة الكفايات الأساسية لكل مستوى دراسي على حدة وتحديد المعلومات التي يجب أن تتوافر للطالب كمعلومات سابقة أساسية وتجهيز دروس إلكترونية وبطاقات تعليمية لتزويده بالمعلومات التي يحتاجها. ومن ناحية أخرى أتمنى بأن يتم التواصل مع ذوي الخبرة والعلم في مجال التعليم الرقمي وأتمنى مستقبلا بأن يتم اعتماد تجارب الدول الرائدة في هذا النوع من التعليم والتي أثبتت نجاحها فيه، فالتعليم الرقمي يجعل من التعليم تجربة شيقة تطور العقل وتنمي القدرات كما تساهم في تنمية ثقة الطالب في نفسه وقدرته على التواصل وبناء شخصية محبة للتعلم وقادرة على البحث وهذا لن يتم مع استخدام نفس المناهج ونفس الأسلوب في التقييم، فالتقييم في التعليم الرقمي لا يعتمد على الاختبارات والامتحانات بل على نتاج البحث والنقاش والتحليل والتركيب وهذا بالطبع لن يتم بدون عمل تغيير جذري في المناهج وتطوير أساليب التعليم التي تعتمد على دور أكبر للمعلم كموجه للعلم وليس مقدما له فلا يعتمد على المدرس في التعليم بل على طريقة التعليم التي تم تصميمها ويكون دور المعلم في النقاش والمتابعة والتحليل والمناقشة. إن عملية التقييم في التعليم الرقمي لا تعتمد على التذكر والتطبيق والفهم مثل التعليم التقليدي المتبع حاليا بل على مستويات عليا من أهداف التعليم حسب تصنيف بلوم وهي التحليل والتركيب والتقويم وهي التي يرتكز عليها التعليم الرقمي، فالمعلومات موجودة في كل مكان ونستطيع الحصول عليها ولكن كيف نستطيع التعامل معها والاستفادة منها في حل المشكلات وتجميع العناصر وتكوينها بطرق وتسلسل منطقي. وأتمنى أن يتم الاستماع لشكوى المعلمين والطلبة وأولياء أمورهم وتقدير مخاوفهم من الاختلاط في المدارس والجامعات حتى ولو كان في وقت الاختبارات فالمرض خطير وقد يتسبب نقل الطالب لعدوى المرض لاصابة الاسرة كاملة والتي قد يكون فيها من كبار السن والأطفال أو من الذين يعانون من أمراض مزمنة مما يعرض حياة الطلاب والمعلمين وعائلاتهم والمجتمع لخطر انتشار العدوى، برأيي وبعد ملاحظة الارتفاع في عدد الحالات أتمنى بأن يتم الاعتماد على ما اكتسبه الطالب أثناء الفصل الثاني من معلومات ودرجات لاختبارات تم تقديمها في المدارس والجامعات وتقديم موعد الامتحانات النهائية أو التقدم اون لاين بدون الحاجة لحضور الطلبة ما عدا طلبة الثانوية العامة فقط.كما يجب تطبيق عقوبات أقسى على مخالفي الاجراءات الاحترازية والتباعد واستمرار حملة التطعيم للمواطنين والمقيمين حتى ينتهي كابوس المرض في أقرب فرصة وأتوقع ان تم ذلك سنستطيع أن نتنفس الصعداء في القريب القادم بإذن الله ويتزامن مع ذلك العمل على رفع مستوى التعليم الرقمي وبناء الأسس اللازمة له وتثقيف المجتمع عن أثره الإيجابي والذي يحتاج لعمل كثيف نتيجة تكوين فكرة سلبية جدا عنه والتي نتجت عن الممارسات الخاطئة له حاليا. [email protected]