الحياة ليست دائماً منصفة

كانت إحدى الإدارات الخدمية في شركة كبرى تعاني من مشاكل جمة يصعب حصرها، وتعاقب المديرون على الإدارة ولم ينجحوا في حل تلك المشاكل. فقررت إدارة الشركة تعيين سعد، وهو صاحب كفاءة عالية ولديه رؤية استراتيجية وقدرة تحليلية مميزة لحل المشاكل ورفع كفاءة الإدارة لمستوى يليق بمكانة الشركة، وقد قبِلَ سعد هذا التحدي الصعب. بدأ سعد بتحديد ودراسة التحديات والمشاكل التي تواجه الإدارة، واستمع لجميع الموظفين بالإضافة لمديري الإدارات الأخرى التي تعتمد في عملها على إدارته، وجمع كل ملاحظاتهم ومقترحاتهم. ولم يكتفِ بذلك، بل قام بزيارة الشركات المشابهة ليتعرف على حلولها للتحديات، واستشار عدة مستشارين في المجال، الذين قدموا له حلولاً بعضها ملائم وبعضها ليس كذلك. وقضى وقتاً طويلاً لجمع ودراسة كل هذه المعلومات والمقترحات، ورسم خطة تفصيلية لما يمكن أن تكون عليه الإدارة. وبعد أشهر من الضغوط والعراقيل وقلة النوم، لم يستطع جسده الهزيل أن يتحمل كل ذلك، فسقط مغشياً عليه في مكتبه. وبعد نقله للمستشفى، اكتشف أنه أصيب بمرض عضال منعه من العودة للعمل، مما اضطر الشركة لتعيين حسن مديراً جديداً للإدارة لتسيير أمورها. وجد المدير الجديد الخطة التي وضعها سلفه والتي لم يتمكن من تنفيذها بعد. فأُعجب بها وأضاف تحسينات طفيفة وقام بالإعلان عنها وتطبيقها. ارتفع أداء الإدارة بشكل كبير، وأضحت حديث الناس في كل مكان، وقصة نجاح إداري يشار لها بالبنان. حازت الإدارة عدة جوائز في الكفاءة، ودُعي حسن للعديد من المؤتمرات لعرض التجربة الناجحة. حصد حسن النجاح، والتصفيق، والجوائز، والسمعة الحسنة. بينما حصل سعد على رسالة من إدارة الموارد البشرية تخبره بعدم قدرة الشركة على الاستمرار في دفع مرتبه كاملاً وهو على هذا الحال.