10 سبتمبر 2025

تسجيل

" الاستدامة البيئية" بين الإسلام والتنمية

28 مارس 2013

موقف الإسلام من الكون هو موقف ألفة ومحبة، حيث يظهر ذلك في سمو التشريع الإسلامي في جانب عمارة الأرض والمحافظة على مواردها وثرواتها الطبيعية، من خلال مبدأ "الاستخلاف" الذي هو توجيه رباني للإنسان بتحمل دور الأمانة في المحافظة على الصالح العام والخاص للبيئة والتنوع الحيوي بالتزامن مع عجلة التنمية وطبيعة الأنشطة البشرية الاقتصادية والاجتماعية في الأرض، قال تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة"، كما أن العدالة الإسلامية تنسجم وتتناغم مع الأنظمة والتشريعات المدنية الحديثة في جانب التخطيط الاستراتيجي والممارسة العملية والعلمية للتوجه وتطبيقات "التنمية المستدامة"، وكان للتاريخ الإسلامي القديم شواهد وبراهين عملية تتناغم مع توجيه وحرص الإسلام على الربط بين البيئة ومشاريع التنمية على مر العصور، حيث تَمثل ذلك في بيئة التخطيط والعمارة للمدن الإسلامية التقليدية (العمارة والتخطيط الإسلامي) واستخدام الموارد والمواد الصديقة للبيئة، بما يكفل الموازنة والتناغم بين مفهوم الاستدامة والتنمية. رؤية الإسلام كدين ونهج تشريعي في حمايته للموارد والثروات الطبيعية، ودعم تطبيقات التنمية في واقع الحياة البشرية يمكن فهمها وتناولها من خلال توافر المعطيات والمحاور في الأبعاد التالية: "البعد الاجتماعي" الذي يسمح بهامش أكثر من جيد للمساهمة بتقديم الحلول وصناعة القرار، وتوافر المشاركة الجماعية العادلة بين الجميع، "البعد الإنتاجي" والذي ينشد المحافظة على الموارد الطبيعية بالتزامن مع الدعم والتشجيع للخطوات والآليات العملية والعلمية المناسبة، "البعد الثقافي والتراثي" والذي يمكن استشرافه من متابعة قيم التشريع الإسلامي لواقع الدمج، بين الثقافات والتراث في مختلف الحصارات البشرية التي سكنت وتعايشت مع المجتمع الإسلامي، وشاركت عملياً في أنشطة التنمية والاستثمار، "البعد الاقتصادي" القادر والمتابع لتوافر العوائد المالية وفرص الاستثمار وتهيئة وتشجيع مصادر التحفيز والاعتماد على الذات. ومع تسارع الاهتمام بتوجه البحث عن الحلول العملية والتنفيذية للمخاطر البيئية والصحية من الملوثات وسوء الاستخدام البشري للموارد الطبيعية، بدأ يلوح في الأفق العلمي والتنفيذي كذلك تلمس هواجس ومخاوف المجتمعات البشرية، من عدم توافر الأمن والاستقرار والرخاء والطمأنينة في العلاقة بين "التوازن البيئي" و"الاستدامة البيئية" من خلال تطبيقات "التنمية المستدامة" والذي أسهم بدوره في سطوع نجم علم "الأمن البيئي"، فكان أيضا التاريخ الإسلامي وكعادته شاهدا في هذا السياق والمتمثل في قصة النبي يوسف علية السلام الذي شارك في تهيئة استراتيجية تنموية للدولة في حينها، عندما تعامل مع الأزمة الاقتصادية والتغيرات المناخية من خلال (الآلية العملية لزراعة حبوب القمح في فترة زمنية محددة، ومن ثم حفظها في سنابلها لفترة زمنية محددة أيضاً، وبعد ذلك تخزينها) وهنا كان الربط العملي لواقع التكيف مع محاربة ظواهر الفقر والجوع ونقص الغذاء.. يفترض "واقع وعصر التقنيات والمنافسة في العلوم على النطاق الإقليمي والدولي" من الفرد والمجتمع الإسلامي مواكبة هذا التسارع، مع الأخذ بعين الاعتبار المنافسة على الموارد الطبيعية، فالمسلم يفتخر ويثق بشخصيته ونهج تشريعه الإسلامي، الذي سبق الزمن ومنذ القدم في هذا الخصوص، فالمنطق يجسد المحافظة على التناغم والتوافق بين توجهات التنمية المستدامة والاستدامة البيئية بالمنظور الإسلامي، وكذلك الوطني، فالواجب، أو المسؤولية الوطنية في خليجنا العربي تنشد وتستشرف كذلك المحافظة على توافر الأمن البيئي وعدم استنزاف الموارد والثروات الطبيعية المحلية.