15 سبتمبر 2025
تسجيلوفقًا للقاعدة العامة في المسائل المدنية، أن الأحكام القضائية لا تكون قابلة للتنفيذ طالما كانت قابلة للطعن بالمعارضة أو الاستئناف، أو طُعن فيها فعلًا؛ لأن قوة التنفيذ تظل معطلة حتى يحوز الحكم قوة الأمر المقضي؛ أي إنها تقبل التنفيذ عندما تصير نهائية، وذلك وفقًا للمادة (374) مكرر من قانون المرافعات القطري؛ حيث نصت على أنه «لا يجوز تنفيذ الأحكام جبرًا، ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزًا». وهذه القاعدة وإن كانت توائم الحياة المدنية فإنها لا تتوافق مع الحياة التجارية. لذلك راعى المشرع بعض الحالات الاستثنائية التي قد يضر بها الدائن نتيجة تأخر التنفيذ حتى يتصف الحكم بقوة الأمر المقضي، فاستطرد في المادة (374) مكرر من القانون أعلاه ونص على هذا الاستثناء بقوله: «إلا إذا كان النفاذ المعجل منصوصًا عليه في القانون أو مأمورًا به في الحكم، ومع ذلك يجوز بمقتضاها اتخاذ الإجراءات التحفظية». ولهذا أجاز المشرع استثناءً تنفيذ الأحكام دون حيازتها قوة الأمر المقضي، وهذا ما يعرف بالنفاذ المعجل، بالتالي يتضح أن الأحكام الابتدائية لا تكون محلًا للتنفيذ ما لم تشمل بالنفاذ المعجل. والنفاذ المعجل هو تنفيذ الحكم على الرغم من قابليته للطعن فيه بالاستئناف، أو طعن فيه فعلًا. وقد يستمد الحكم قوته التنفيذية من نصوص القانون (النفاذ المعجل بنصوص القانون)، وقد يستمد قوته التنفيذية بناء على سلطة تقديرية من القاضي (النفاذ المعجل القضائي). وما يهمنا هنا هو النفاذ المعجل بنصوص القانون؛ لأنه أورد حالة تمس الحياة التجارية. حيث نصت المادة (374/2) معدل من قانون المرافعات القطري على أن «النفاذ المعجل واجب بقوة القانون للأحكام الصادرة في المواد التجارية بشرط تقديم كفالة يحددها القاضي، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام قانون التجارة». من هنا نجد أن الأحكام تصدر في المسائل التجارية مشمولة دائمًا بالنفاذ المعجل بقوة القانون ولو كان قابلًا للطعن فيه بالاستئناف أو مطعونًا فيه بالفعل، بشرط تقديم كفالة، ودون تقديم الكفالة إذا كانت المسألة صادرة في دعوى الإفلاس وفقًا للمادة (616) من القانون التجاري القطري التي نصت على أنه «تنظر دعاوى الإفلاس على وجه الاستعجال، وتكون الأحكام الصادرة فيها واجبة النفاذ المعجل بدون كفالة، ما لم ينص على خلاف ذلك». والحكمة من شرط الكفالة لإقرار النفاذ المعجل، هي ضمان تسوية المراكز القانونية وذلك عند الاستجابة لطعن المستأنف فيلغى الحكم أو يعدل. والغاية من جعل تنفيذ الحكم التجاري معجلًا وبقوة القانون، يكمن في عدة أسباب أولها: الطابع المميز لهذا النوع من المعاملات والذي تعد السرعة أحد مقتضياته، ولا يناسبها انتظار الفصل في الاستئناف لتنفيذ الحكم خلافًا للمعاملات المدنية، ثانيًا: منع تسويف المحكوم عليه ومماطلته في الوفاء؛ من خلال الطعن على الحكم الصادر ضده، ثالثًا: قد يولد التأخّر حتى يحوز الحكم قوة الأمر المقضي أو حتى يطعن بالحكم في الاستئناف ضررًا جسيمًا يصيب الدائن، كأن يفوت فرصة رابحة، أو يعتمد على هذا الحكم من أجل سداد دين عليه.