15 سبتمبر 2025
تسجيلالسيادةُ هي امتلاكُ الدولة لقرارها دون تدخِّلٍ أو إملاءٍ أو فرضٍ من أحد، فالدولةُ التي تملكُ قرارها، تملكُ سيادتها، أما إن سمحت بالتدخل في قرارها، فقد أضرَّت سيادتها، ولقد صانت قطر سيادتها في مونديال كأس العالم من الانتهاك عبر رفض ما لا يتوافق مع قرارها السيادي المبنى على دستورٍ، وأعرافٍ، وقيم، ومعتقدات، وثقافة راسخة. لا شيءَ أثمنُ للدولةٍ ومواطنيها من السيادة التي تحفظُ للوطنِ عزَّتهُ وكرامته، ولقد كان موقف قطر من مسألةِ السيادة حاسماً، لم تقبل فيها المجادلة والنظر، في المقابل فإنَّ الدول الغربية التي كثيراً ما ترفع شعارات الديمقراطية، واحترام سيادة الدول قد مارست ضغوطات شديدة لانتهاك سيادة قطر عبر إملاءات لا تتوافق مع القيم القطرية المحميَّة من قِبل الدستور القطري، فأظهرت تلك الدول وجهها القبيح مكشوفاً للعالم، في حين أثبتت قطر أنها لا تنثني للرياح العاصفة الهادفة إلى ليِّ الأيادي تلبيةً لرغباتها السفيهة، ومطالبها السخيفة. تكشف المواقف على اختلافها مدى قوة السيادة للدول، وهذا الأمر لا يُبنى على مجرَّدِ «ردٍّ كتابي» أو «تصريحٍ إِعلامي» وإنَّما هو مبنيٌّ على ثوابت راسخة، توارثتها الدولة فأصبحت عقيدةً مقدَّسةً لها، وترجمتها في أُطرٍ دستورية، وقانونية، وقيمية تُلزم نفسها بها، وتتمسك بها، وتصونها من أيِّ منتهكٍ أو دخيلٍ في الشؤون الداخلية، فالدولة التي تتمتع بقوة السيادة، وتجعل السيادة مبدأً ومصيراً هي دولةٌ تفرضُ نفسها على الآخرين، وتعزز قيم العزَّة والكرامة والافتخار في مواطنيها. ولقد رأينا كيف أن دولاً تدَّعي احترام القانون الدولي المبني في أساسه على عاملين مهمّين هُما: الاستقلالية والمساواة، تُلقي – كما تفعلُ دوماً – هذا الادعاء الكاذب بعيداً لكي تفرض على قطر سفالاتها، ورذائلها تحت مظلة «حقوق الإنسان» و»صيانة الحريات» وهي شعارات مزيَّفة، فلا حقوق الإنسان تصلُ إلى تفلُّته، وتهتُّكه، ولا الحريات تتجاوز منطق خلقته، وكرامته، لكن هذه الدول مسيطَرٌ على قرارها من قِبل الحركات الوضيعة التي تحرِّك ساستها كالدُّمى، فلما فقدت سيادة قرارها على قيمها الأصيلة، أرادت أن تمارس القوة على الدول الأخرى بأن تسير في ركبها، وتمضي على ذات دربها المنحدر!. يُعرِّف معجم القانون وهو من المبادئ التي يقوم عليها النظام الدولي المعاصر الدولة الحديثة بأن الدولة التي «تكون لها الكلمة العليا واليد الطولى على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه»، الأمر الذي يعني ممارسة سيادتها على دولتها، وعلى دستورها، ولقد كان أثر انتصار دولة قطر لسيادتها كبيراً، يمكنُ أن نلخِّصهُ في نقاط محدَّدة كما يلي: 1- أسهم في رسوخ القرار السيادي القطري في الجبهتين الداخلية والخارجية. 2- برهن على أن الدول لا تقاس بحجمِ المساحات الجغرافية وإنما بعظمة قرارها. 3- أوصل رسالة إلى دول وشعوب العالم بأن المنتصر الحقيقي هو الذي يحتفظ بسيادته من الانتهاك، والتدخل في شؤونه. 4- أضاف إلى المواطن القطري مشاعر من الافتخار بدولته، والاعتزاز بقيمه، والانتماء لتاريخه وثقافته. لقد قدَّمت قطر في مسألة السيادة درساً يتلخَّصُ في عدم المساومة على السيادة التي تعني الكيان الوطني برمَّته، وكلَّ مكتسباته، فلا تفريط في أيَّة جزئية فيه، ولا تنازل عن أيَّ عنصرٍ من عناصره، وبذلك حفظت قطر هيبتها، ومكانتها، وأكَّدت أنها لا تخضع للإملاءات والتدخلات، وبهذا فما زادتها مواقفها في مونديال كأس العالم إلا قوةً ومكانةً وهيبةً.